اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

سلطان الكوز

الصفحة الرئيسية

 سلطان الكوز



كتب - د. ضياء الرفاعي 

لايف كوتشينج واخصائي تطوير الذات 

يحكى أن رجلاً كانت مهمته الإشراف على "الكوز" أو الإبريق في أحد الحمامات العمومية (أجلكم الله).

 كان عمله ببساطة هو التأكد من أن هذه الأباريق ممتلئة بالماء، حتى يتمكن أي شخص قادم إلى الحمام من استخدامها مباشرة.


وفي أحد الأيام، جاء رجل مستعجل، تناول أحد الأباريق مسرعاً ودخل به إلى الحمام فما كان من مسؤول الأباريق إلا أن صرخ فيه:


"ارجع مكانك, سيب الكوز اللي معاك وخد غيره"

وبعد أن قضى الرجل حاجته، عاد مستغربًا وسأل:

لماذا طلبت مني أن أغير الإبريق؟

فرد عليه الموظف بتعجب:

يعني إيه ليه؟

أمال أنا شغلي إيه هنا؟

من كوز الحمام إلى كثير من المصالح الحكومية والخاصة أحياناً .

هذا المشهد البسيط يلخص عقلية نراها كثيراً في مؤسساتنا: عقلية 

"سلطان الكوز".


هذا الشخص الذي يتشبث بأي سلطة 

 حتى لو كانت على "إبريق"  ليشعر بأنه مهم، بأنه يأمر وينهى.

 والغريب أن طبيعة عمله لا تحتاج لكل هذا التعقيد، لكنه يُصر على فرض سلطته.


ربما مررت بتجربة مشابهة، ذهبت لإنهاء معاملة بسيطة، لكنك فوجئت بطلبات "عفركوشية" لا مبرر لها، وتعطيلات غير منطقية، ويُقال لك الجملة الشهيرة:


"فوت علينا بكرة يا سيد"

أو

"الملف ناقص.. هات ورقة مش عارف منين"

سلطان الكوز في كل مكان!

في المرور، تجد من يُعقد الأمور بدل أن يُيسرها.



في مكتب حكومي، تجد الأوراق مركونة على الرف، والرد هو الصمت أو التجاهل

 أو كلمة "استنى".


في أي جهة خدمية، قد تصادف 

"سلطان كوز" جديد، لا هدف له سوى استعراض سلطته الزائفة على المواطنين.

دعوة للتحرر من عبودية الروتين

نحن اليوم نعيش في الجمهورية الجديدة حيث تسعى الدولة بكل قوة إلى:

تبسيط الإجراءات

تقديم الخدمات إلكترونيًا.

محاربة البيروقراطية.

تطوير الموظف ليصبح "خادمًا للجمهور"

 لا متسلطًا عليهم.

إن التخلص من عقلية "سلطان الكوز" ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية.

علينا جميعاً، موظفين ومسؤولين، أن ندرك أن الموظف الناجح هو من يُنجز، لا من يُعطل.

لنُغير المفهوم

لنجعل شعارنا: "كيف أخدمك؟" بدلًا من "فوت علينا بكرة".


لنتعامل باحترام مع كل من يأتي إلينا، فكرامة المواطن لا تتجزأ.

ولنُدرك أن أعظم المناصب هي خدمة الناس، لا التسلط عليهم.

في الختام

ليس المطلوب أن نُقلل من شأن أي وظيفة، فكل عمل شريف له قيمة.

لكن القيمة الحقيقية تأتي من أدائك وأخلاقك وإنسانيتك.

دعونا نتخلص من "سلطان الكوز" الذي في داخلنا، ولنكن جنودًا في جيش التطوير، لا حراسًا على بوابات التعقيد.

google-playkhamsatmostaqltradent