اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

المصداقية الإعلامية وضمانات الاستقرار

المصداقية الإعلامية وضمانات الاستقرار



بقلم : أ. د نجيب أيوب - جامعة حلوان

 تُوزن الشعوب بمدى شفافية خطاباتها  وصراحة قراراتها وصدق تصرفاتها، فالمجتمع النظيف الخالي من نفاق المتسلقين النفعيين مدعي الوطنية، والمُعقم من الحاقدين المُشَهِّرِين المتاجرين بالمعارضة والثورة، يكون ميزان الوعيُ الجمعيُ فيه مستقرًا، وضميرُه الوطني حيًا يقظا.      

فحين تنبلج الحقيقة من بين غيوم الزيف، وينجلي الغبار عن عيون الجماهير، يكون للإعلام الصادق لسان حال الأمم، ونبض قلوب الشعوب، وصوت الضمير الجمعي. فالإعلام، حين يتحرّى الصدق ويترفّع عن المآرب، لا يكون مجرد ناقل للخبر، بل يصبح صانعًا للوعي، حارسًا للقيم، وصدى نقيًا لوجدان الأمة. لا سيما في زمن اختلطت فيه الحقائق بالشائعات، وتكاثرت فيه الأصوات الباحثة عن المجد الزائف، إما بالنفاق الانتهازي، أو بالمعارضة المكذوبة، يظل الإعلام الصادق هو النور الذي يبدد ظلمات الخِداع، والبوصلة التي تهدي المجتمع إلى بر الأمان.

يُعدُّ الصدق الإعلاميُ ركنًا أصيلاً في بنية أي مجتمع صحي، إذ يقوم على كشف الحقائق دون تزويق، ونقل الوقائع دون تحريف، وتقديم الصورة كاملة دون اجتزاء أو تلاعب. فهو بذلك يحمي الرأي العام من التشويش، ويحول دون تسلل أصحاب الأجندات والمصالح الضيقة إلى وعي الجماهير.

وللإعلام الصادق قدرةٌ فريدةٌ على تحقيق التوازن داخل المجتمعات؛ إذ يحدّ من مزايدات الوصوليين الذين يتسلقون على أكتاف الأزمات، ويُسقط أقنعة المشهرين الذين يتاجرون بسمعة الناس، ويُفكك أوهام المتسترين الذين يخدعون الجماهير بأقوال منمقة وأفعال جوفاء.                       فلا مكان في ظل الإعلام الصادق لمن يجعل من المعلومة سلعة، أو من الحقيقة وجهة نظر، أو من الجمهور أداة للتهريج والاصطفاف الأعمى.

ومن خلال أدائه المِهني والأخلاقي، يُسهم الإعلام الصادقُ في بناء وعي جماهيري نابِه، قادرٍ على التمييز بين الصالح والطالح، والمصلحة الوطنية والمكاسب الذاتية. فكل خبر صادق هو لبنةٌ في جدار الوعي، وكل تحقيق مهني هو درس في المواطنة، وكل منصةٍ إعلاميةٍ نزيهةٍ هي منبرٌ للضمير الوطني الحي.

ولأن الإعلام مرآة المجتمع، فإن صدقه يعكس نقاء المجتدع، ونزاهته تحمي قيمه، وموضوعيته تبني مستقبله. فحين يكون الإعلامُ صادقًا، تُسهم رسالتُه في إنشاء انتماء جماعي للوطن ومصيره، انتماءً لا يقوم على الشعارات الجوفاء، بل على الحقائق الموثقة، والمواقف المسؤولة، والخطاب المتوازن الذي لا يُجامل ولا يُجحف.

في عالم تزدحم فيه المنصات، وتتعدد فيه الروايات، يبقى الصدق الإعلامي نجمًا هاديًا في ليل الحيرة، وسارية خفاقة في ميدان الحقيقة. إنه ليس ترفًا مهنيًا، بل ضرورة وجودية لبقاء الأمم في منأى عن التفكك والضياع. فالأوطان التي يُنير دربها إعلام صادق، هي أوطان تُصان كرامتها، ويُحمى مصيرها، وتنهض بأبنائها نحو مستقبل مشرق، عنوانه: 

"صدق الكلمة وعدالة الطريق"

وبمناسبة يوم الإعلام، نسأل الله أن يحمي بلادنا من دنس المنفاقين وشرور                         الحاقدين.                           

google-playkhamsatmostaqltradent