إلى أحرار غزة، أنتم أحرار الحصار، ونحن أسرى زيف الحرية
بقلم : سماح الصاوي
في يوم الصحافة كنتُ أودّ أن نحتفي معًا بالنصر، بجلاء الاحتلال عن غزة، وبعودة الفرح إلى شوارعها ومآذنها وقلوبنا. لكن شاء الله أن يشتد الحصار، وتضيق الصدور، وتزداد الكروب، حتى يأتي وعد الله الذي لا يُخلف الميعاد، وإنّا له لمنتظرون.
إلى صحفيي غزة الأحرار أنتم الطلقاء في زمن القيود، حُرّاس الحقيقة في وجه القصف والقمع، تقاتلون بعدساتكم وأقلامكم، بينما نحاول نحن أن نكتب ونُدوّن، لعلّ في الكلمة عزاء، وفي الدعاء دعم.
أنتم وحدكم من يحمل فلسطين على عاتقه، لا كقضية أرض، بل كقضية وجود.
أنتم من صمد في وجه الظلم، وخلّد الشهادة، وفضح القمع ، وكشف ما يُعرض عنه العالم عمدًا،وكشف ستر الألم. أنتم صوت من لا صوت له، وعدسة من لا يُرى
وضمير من لا يُنصت، ويُصِرّ على الإنكار رغم وضوح الحقيقة!
في يوم حرية الصحافة، لا نحتفل، بل نقف وقفة إجلال ووفاء. نجدد العهد مع الكلمة ونرفع أقلامنا احترامًا لكم.
أنتم الأبطال، رواة الحقيقة المطلقة الطلقاء حقًا، ونحن من خلف الحدود أسرى العجز،مكبلين، لا نملك سوى الدعاء، والثقة بأن وعد الله حق، وأن الفجر قريب.
هذا اليوم ليس احتفاءً بالكلمة فقط، بل رفعٌ لراية الحقيقة في وجه الظلم، وتأكيد أن حرية الصحافة ليست ترفًا ، بل حياة.
إنه تذكير بأن الكلمة الحرة لا تُقمع، وأن الحقيقة لا تموت.
مسمار في نعش كل احتلال متجبر، وكل سلطة قمعية تصنع من ألم الفقراء سُلّمًا لثراء المنتفعين.
وتبقى غزة المثال الأوضح ؛غزة التي عرّت العالم وأسقطت زيف شعاراته.
فلا قانون، ولا منظمة، ولا مناسبة دولية استطاعت أن تحمي طفلًا أو صحفيًا أو امرأة من تحت القصف.
لكن الله كان، ولا يزال، معهم.
وفي الختام 'رحم الله شهداء الكلمة والحقيقة، أولئك الذين قدّموا أرواحهم ثمنًا ليبقى صوتنا حيًا.
جبر الله قلوب أحبّتهم، وألهمهم الصبر والثبات.
وحفظ الله الصحفيين الفلسطينيين وكل أحرار العالم.
أنتم نبض الضمير الإنساني ؛دمتم فخرًا وضميرًا لا يغفو ابدا.

