اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الكاتبة منال خليل ... تكتب"سحاباتٌ من عزيزٍ"

سحاباتٌ من عزيزٍ



     سحاباتٌ من عزيزٍ

  بقلم الكاتبة : منال خليل


بدء عزيز محاوله كتابة أولى رسائله على حبات المطر :

- أنا شابٌ يُدعى "عزيز" 

لا أملك قصةً مُدهشة، ولا حياة ارضيه طويلة تُروى،لم أكن معروفاً، ولا فارسًا يمتطي صهوة البطولة،ولا شاعرًا يحترف نظم جمال المشاعر،كنت مجرد شابٍ يُكثر التأمل، يُطيل النظر في السماء

ويُخبئ حنانه في دفاتر لا يقرؤها أحد.


- لكن كنت املك قلبًا يصبو الى الحبّ في عالمٍ لا يُنصت كثيرًا ويعشق التمحور حول الذات .

كنت أمرّ بين الناس كما تمرّ النسمة

هادئًا، شفيفًا، لا أترك ضجيجًا

بل أثرًا لا يُرى… لكن يُشعر به من أحبني ورآني من الداخل فقط .


- ثم جاء ذلك الرحيل.

لا بوصفه فَناء،بل كأنّه عودةٌ إلى أصل النور تخفّفت من الجسد، من الاسم،

من الضجيج والألم .

وصرت ظلاً لطيفًا يجلس على سحابةٍ فضيّة،أنظر منها إلى من أحببت، وأبتسم.


- كنت أرى  أمّي تجلس على ذلك المقعد الخشبي قرب النافذه تطلع الى السماء وتراقب السحب مجروحة الروح وكانت تحدثني .


فأصبحت أضع كفي على قلبها كل ليله وأربت على صدرها بنسمات حانية من حنين روحي، لربما تهدئ قليلا ،كلما ضاقت بها الحياة.

واناجيها من أقرب سحابه حنونه  وكنت أرتعد عندما أجد ذلك المقعد خالي من أمي .


- وبليله ما ظهرت "  ندى "

 تمسك بذلك الخاتم الفضيِ ذو الفص العقيق، رأيتها وهي ترتجف كما ترتجف أوراق الشجر عند أول قطرات المطر بأول شتاء مفاجئ.


كانت هناك تجلس على الأرض بجوار ذلك الصندوق الخشبي .

تفتح رسالتي كما تفتح وردةٌ خجلى على حافة نافذة، فأدركت أن الحب 

وإن لم يُعلن وإن لم يُعاش على الأرض

فإنه ممكن أن يكتمل في السماء.


- هذه الكلمات ليست  قصّة،بل سطرٌ من قلبٍ لم يستطع قول كل شيء، لكنه أحبّ كل شيء.


- كان هناك أمٌّ تدعو لي وتعشقني دون أن تنتظر مقابلًا وكان لي قلبٌ يفتح نوافذه كل مساء لصبية كمقطوعة من نغم لا يعرفها،لكنه يشعر بها في تفاصيل الليل وفي رعشة الأصابع حين تمسّ شيئًا يشبه الأمل.

لم اكن أعرف اسمها بالأول 

لكنّ روحي كانت تحفظ ملامحها كما تُحفظ القصائد في صدر الشاعر دون أن تُكتب.


أحببتها كما يُحبّ الضوء نوافذ البيوت القديمة،كما تُحبّ الزهرة  من يتأملها ويحنو عليها دون أن يقطفها.


- لم أكن أعرف أنها تُدعىَ " ندى"

لكنني كتبت إليها كلّ ما لم أجرؤ على قوله في الحياة، ووضعت قلبي في صندوقٍ، وأغلقته بخشوع،لعلّها تجد المفتاح يومًا ما .


كنتُ أحبّ بصمتٍ خاشع وأكتب من بعيد كأنني أزرع زهورا في أماكن لن أزورها

وكنتُ أتألّم ،لكن بجمالٍ ولطف يشبه الحياء.


ثم رحلت لا لأنني انتهيت، بل لأني لربما اكون قد تحوّلت لسحابه فضيه ،صرت شيئًا أنعم ،صرت ظلًّا من نورٍ هادئ

يجلس على سحابة فضيّةٍ شفّافة

لا يعلو كثيرًا، لكنه يطلُّ على من أحبّهم من علٍ، بابتسامةٍ لا تغيب.


من هناك من ذلك العلوّ الرحيم،كنتُ أراها.

أمّي وهي تُسند قلبها على الصلاة

كلما قالت اسمي، كنتُ أقترب

كأن الدعاء سُلّمٌ من الحنين

يصعد بي نحوها.


ومن هناك رأيتها هي "ندى"

لم تلتقِ عيني بعينها من قبل،لكنّ قلبي

كان يعرف صوت خطاها حين تمشي على الطرقات وكان يرتعش كلما مرّت من جوار الذكرى.


أحببتها كما يُحب الضوء نافذةً مفتوحة،كما يحبّ العصفور أغنيةً لم تُكتب بعد،أحببتها دون أن أقول شيئًا

لكنني كتبت لها لا بالحبر، بل بما تبقي مني من نور.


- هذه الحكايةليست روايةً تُقرأ،بل اعترافٌ يُحَسّ.

فإن وصلتَ إلى هنا،قلبك لحظة صمت

اقرأني بهدوء،كما يُقرأ آخر سطرٍ في آخر رسالةٍ من غائبٍ ما زال يحب، من أعلى سحابته لعلّك تسمعنيوأنا أهمس من فوق سحابتي:

"أنا أحببت ولم أعد على الأرض

لكني ما زلت هنا "

ولسحابات الرسائل والمحبة بقية تروىَ فأنتظروني .

" عزيز "

google-playkhamsatmostaqltradent