اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

فانوس رمضان حكايات تراثية

 "فانوس رمضان" حكايات تراثية





كتب - د . عبد الرحيم ريحان 


فانوس رمضان هو المصباح الذى يحمل فى الليل للاستضاءة بنوره أو يُعلّق ويكون مُحاطًا بالزُّجاج ظهر بشكله الحالى منذ 150 عامًا وأصبح جزءًا من التراث الشعبى ويتم تطوير صناعته وله ورش خاصة بمنطقة تحت الربع.

عيد المصابيح

تبدأ حكاية الفانوس منذ عصر مصر القديمة في (عيد المصابيح) وكان في شهر (ﻛﻴﻬﻚ) بالتقويم القبطى ﻭﻳﻘﺎﺑﻠﻪ 

( ﻛﺎ – ﻫﺎ – ﻛﺎ) بالتقويم المصرى القديم ﻣﻦ 10 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺇلى 8 يناير وأطلق عليه هذا الاسم حيث توقد 

(المصابيح – المسارج – الفوانيس ..وجميعها بذات المعنى) ليلًا أمام المنازل ومعبد الإله أوزوريس في "صالحجر" عاصمة مصر فى العصر الصاوى وموقعها حاليًا بمركز بسيون محافظة الغربية وتقدم له القرابين وهذا العيد هو أصل الفوانيس المضاءة ليلًا في رمضان وذلك طبقًا لدراسة أثرية للباحث الآثارى محمد أحمد ناصر بوزارة السياحة والآثار.



وفي العصر البطلمي انتقل عيد المصابيح الي مدينة إسنا ونقش بمعبد إسنا ثم امتد إلى كل المدن المصرية، وأن احتفال الأطفال فى رمضان بحمل الفوانيس مرددين عبارة "وحوى يا وحوى اياحة" وهم يحملون مصابيح مضاءة ليلًا من الأصل المصرى القديم، فكلمة (إياحة) هى دمج لكلمتين وهم (إعح – حا ) والأولى بمعني قمر مثل كلمة أحمس وتنطق

 (إعح – مس) بمعني وليد القمر.



وأصبحت الأغنية من أغانى الاحتفاء بالقمر والليالى القمرية وكان القمر فى مصر القديمة يطلق عليه اسم "إحع"، وبعد دخول الفاطميين إلى مصر وانتشار ظاهرة الفوانيس أصبحت الأغنية مرتبطة بشهر رمضان فقط بعد أن ظلت أزمنة مديدة مرتبطة بكل الشهور القمرية.



وحوى يا وحوى

أغنية "وحوى يا وحوي... إياحة" جملة قيلت للملكة ‏‏ "إياح حتب" معنا "القمر" والجملة تعنى بالهيروغليفية "هل القمر" تكريمًا لها لدورها ‏العظيم فى المعارك المتتالية التى خضاها الجيش حتى انتصر على الهكسوس وتم طردهم من ‏مصر قدمت فيها زوجها ونجلها الأكبر حيث لم تستسلم للهزائم ودفعت نجلها الثانى الملك ‏احمس الذى انتصر عليهم وذلك طبقًا لدراسة للآثارية منال منير مدير عام آثار الشرقية.



حيث أشارت الدراسة إلى الملكة اياح حتب باعتبارها الداعم لزوجها الملك سقنن رع آخر ‏ملوك الأسرة الـ17، الذى بدأ حرب والتحرير وقاد معركة مع الهكسوس الذين سيطروا على ‏شمال البلاد من ناحية شرق الدلتا، إلا أن الجيش هزم فى هذه المعركة استشهد فيها الملك، فلم تستلم الملكة للأعداء، ووقفت بجوار نجلها الأكبر الملك كامس الذى تولى العرش فى إدارة ‏شئون البلاد وإعادة تجهيز وتسليح الجيش لقيادته واستكمال المسيرة من أجل تحرير البلاد، وبالفعل خاض الملك كامس ‏معركة جديدة مع الغزاة لكنها كانت على موعد مع القدر للمرة الثانية بأن يهزم الجيش و‏يستشهد نجلها. ‏



ولم تستسلم الملكة إياح حتب للهزيمة ومرارة فقدان الزوج والابن و‏استعادت قوتها وقامت ببث روح العزيمة فى الجيش وإعداد نجلها الثانى الملك أحمس الذى مازال ‏شابًا صغيرًا، وتدريبه على فنون القتال وبالفعل قاد معركة كبيرة التى وقع جزء منها على أرض محافظة الشرقية وانتصر الجيش وتم طرد الهكسوس من مصر.



بعد الانتصار أثناء عودة الملكة إياح حتب إلى أرض طيبة "الأقصر"، خرج الشعب ‏المصرى واستقبلها وهم يحملون المشاعل ويرددون "وحوى يا وحوي... اياحة" معناها "هل ‏القمر" تقديرًا لها واحتفالًا بالنصر.


فانوس رمضان

استخدم الفانوس فى صدر الإسلام للإضاءة ليلًا للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب وقد عرف المصريون فانوس رمضان منذ يوم 15 رمضان 362 هـ /972 م حين وصول الخليفة المُعزّ لدين الله الفاطمى إلى مشارف القاهرة ليتخذها عاصمة لدولته وخرج أهلها لاستقباله عند صحراء الجيزة فاستقبلوه بالمشاعل والفوانيس وهتافات الترحيب وقد وافق هذا اليوم دخول المعز لدين الله الفاطمى القاهرة ليلًا ومن يومها صارت الفوانيس من مظاهر الاحتفال برمضان، وتحول الفانوس من وظيفته الأصلية فى الإضاءة ليلًا إلى وظيفة أخرى ترفيهية إبان الدولة الفاطمية حيث راح الأطفال يطوفون الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس ويطالبون بالهدايا من أنواع الحلوى التى ابتدعها الفاطميون.



وهناك حكاية أخرى  حدثت في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمى وقد كان محرمًا على نساء القاهرة الخروج ليلًا، فإذا جاء رمضان سُمِحَ لهن بالخروج بشرط أن يتقدّم السيدة أو الفتاة صبى صغير يحمل في يده فانوسًا مضاءً ليعلم المارة في الطرقات أنّ إحدى النساء تسير فيُفسحوا لها الطريق وبعد ذلك اعتاد الأولاد حمل هذه الفوانيس في رمضان طبقًا لدراسة آثارية للدكتور على أحمد أستاذ الآثار الإسلامية السابق بآثار القاهرة رحمة الله عليه.



وقيل أن ظهور فانوس رمضان ارتبط بالمسحراتى ولم يكن يُقاد في المنازل بل كان يعلَّق في منارة الجامع إعلانًا بحلول وقت السحور فصاحب هؤلاء الأطفال بفوانيسهم المسحراتى ليلًا لتسحير الناس حتى أصبح الفانوس مرتبطًا بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة في هذا الشهر ومنها وحوي يا وحوي ولفت الدكتور ريحان إلى قول الرحّالة ابن بطوطة في وصف الاحتفال برمضان في الحرم المكي حيث كانوا يعلِّقون قِنديلين للسحور ليراهما مَن لم يسمع الأذان ليتسحر.



صناعة الفوانيس

ظل الفانوس رمزًا خاصًا بشهر رمضان خاصةً فى مصر ومن أشهر محلات صناعته منطقة تحت الربع المتفرع من ميدان باب الخلق بالقاهرة وانتقلت فكرة الفانوس المصري إلى أغلب الدول العربية وأصبح جزًا من تقاليد شهر رمضان لاسيما في دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها.


ويرتبط تاريخ شارع تحت الربع بإنشاء القاهرة على يد جوهر الصقلى وقد جعل سكنى عساكر البربر والسودان خارج أبواب القاهرة عند باب زويلة، ويقع شارع تحت الربع فى المنطقة التى تقع خارج باب زويلة من اليمين حتى باب الخرق "باب الخلق حاليًا" وكان يطلق عليه قبل ذلك حارة السودان.


ولم يطلق على الشارع هذا الاسم سوى فى العصر المملوكى حسب ما ذكر المقريزى فى خططه، حيث كان يطلق عليه قبل ذلك حارة السودان، وحينما تولى الظاهر بيبرس الحكم قام بتطوير الربع وتقسيم المساحة المحيطة به وأنشأ ربعًا آخر لم يبقَ منه شيء حاليًا، حيث شب فيه حريق عام 721هـ - 1221م. وكان يقع بين باب زويلة وباب الفرج وعرف بخط تحت الربع وكان ربعًا كبيرًا يشتمل على 120 مسكنًا وتباع الفوانيس بكل أحياء مصر حاليًا وتشتهر فى حى السيدة زينب.



وتطالب حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان  وزارة الثقافة بإعداد ملف لتسجيل الموروثات الشعبية المرتبطة بشهر رمضان تراث لامادى باليونسكو مثل الفانوس والاحتفالات المرتبطة برمضان والأكلات الخاصة مثل الكنافة والقطايف وأم على والقراصيا وكل مظاهر الاحتفال بشهر رمضان على أن يبدأ توثيقها من بداية الشهر الكريم هذا العام.

google-playkhamsatmostaqltradent