جنحة الضرب في القانون المصري

 ليلة العمر 

     ليلة العمر 

بقلم : د. محمد إسماعيل 

في حياة المسلم هناك لحظات لا تنسى تترك أثرا عميقا في الروح ولعل من أعظم هذه اللحظات وأشرفها هي ليلة السابع والعشرين من رمضان في الحرم المكي الشريف فهي ليست مجرد ليلة عابرة بل ليلة مميزة اجتمع فيها شرف الزمان مع شرف المكان مما يجعلها بحق ليلة العمر التي يتمنى كل مؤمن أن يحظى ببركتها وفضلها.

تأتي ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وهي ليلة مباركة اختصها الله بفضل عظيم حيث قال سبحانه وتعالى

"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" [القدر: 3]

إنها ليلة تعادل عبادة ثلاث وثمانين سنة ترفع فيها الدعوات وتغفر فيها الذنوب وتتنزل فيها الرحمات وقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن ليلة السابع والعشرين من رمضان هي الأرجح لأن تكون ليلة القدر ما يجعل هذه الليلة محطة إيمانية لا تفوت.

في هذه الليلة يحرص الملايين من المسلمين على التوجه إلى بيوت الله وخصوصا إلى المسجد الحرام حيث الطمأنينة والإجلال والسكينة يشهد الحرم المكي في هذه الليلة المباركة توافد أعداد هائلة من المصلين والمعتمرين الذين يتجاوز عددهم الثلاث ملايين جاؤا من كل حدب وصوب بقلوب خاشعة وأعين دامعة يرفعون أكفهم إلى السماء يرجون رحمة الله ومغفرته.

للحرم المكي مكانة عظيمة في قلوب المسلمين فهو قبلة المصلين ومهوى أفئدة المؤمنين الطواف حول الكعبة والدعاء في رحابها يمنح النفس سكينة وطمأنينة لا توصف وفي هذه ليلة  تتضاعف هذه المشاعر وتتعالى أصوات الدعاء في مشهد روحاني مهيب حيث يقف الجميع بين يدي الله متساوين في الخضوع والخشوع.

في تلك الليلة يضيء الحرم المكي بملايين القلوب المؤمنة التي اجتمعت على كلمة واحدة التضرع إلى الله إنه مشهد يذكرنا بوحدة الأمة الإسلامية التي مهما باعدتها الجغرافيا تبقى قلوبها معلقة ببيت الله الحرام.

ليلة القدر ليست فقط فرصة لنيل المغفرة والرحمة بل هي أيضا مناسبة لتذكر هموم الأمة وقضاياها الكبرى في هذه الليلة المباركة نرفع أيدينا بالدعاء ونتوسل إلى الله عز وجل أن يوحد كلمة المسلمين ويصلح حالهم ويجمع شملهم.

ندعو الله أن يحقن دماء المسلمين في كل مكان وأن ينصر المستضعفين الذين أرهقتهم الحروب والصراعاتج في غزة وفي كل بقعة من بقاع الأرض هناك إخوة لنا يعانون الألم  والظلم فليكن دعاؤنا في هذه الليلة المباركة لهم بالنصر والتمكين.

نسأل الله أن يحرر المسجد الأقصى من قبضة المحتلين وأن يعيد له مكانته وقدسيته وأن ينصر إخواننا في غزة وكل أرض تعاني من الظلم والعدوان كما نرجو من الله أن يزيل الفرقة بين المسلمين وأن يجمعهم على كلمة سواء فبالاتحاد قوة وبالتآلف نصرة وتمكين.

في هذه الليلة المباركة نحن أمام فرصة ذهبية لفتح صفحة جديدة مع الله إنها ليلة العمر التي يفتح فيها الله أبواب السماء ويجيب فيها الدعاء ويغفر فيها لمن أقبل عليه بصدق وإخلاص.

لنغتنم هذه الليلة بالصلاة والقيام والذكر والدعاء ولنحرص على أن نخرج منها بقلوب نقية وأرواح مطمئنة، ونجعلها نقطة تحول في حياتنا نحو الأفضل.

نسأل الله في هذه الليلة المباركة أن يرزقنا القبول وأن يجعلنا من عتقائه من النار وأن يكتب لنا فيها الرحمة والمغفرة وأن يرفع فيها قدر أمتن ويوحد كلمتها ويصلح حالها ويعيد لها عزتها ومكانتها بين الأمم.

وادعوا الله أن يرزقكم زيارة الحرم المكي في أقرب وقت للقراء والأحباب ولكم جميعا.