الحُرية وخَيط الحرير
بقلم - الكاتبة منال خليل
الجحيم
أن تدرك أن الحريّة التي طالما حاربت من أجلها، وعاديت أهلك والأحباب وأصحاب الخبرة، وناطحت النصائح كلها في سبيلها لم تكن سوى قيد حريري غير مرئي، يُلقي بك في فوضى الخيارات، ثم ينسحب بصمت، تاركًا إيّاك وحيد أمام مرآة نفسك وتبعات مسؤولية تلك الحرية الخالصة التي زعمت أنها حق مطلق لك !
الحريّة
ذلك الامتحان الأبدي، الذي رغم بهائه الظاهري،
لا يأتي دون ثمن فهي باب مفتوح على مصائر متعدّدة، لكلّ منها وجه مختلف، فيه النجاة كما فيه الهلاك .
ولكن، هل يمكن للمرء أن يكون حر دون أن يخطئ؟
وهل يمكنه أن يختار دون أن يحمل وزر اختياراته الحرّة على ظهره حتى النهاية ؟
أحيانا، تتخفّى النرجسية والأنانية تحت قناع الحريّة الشخصية.
فما يبدو حق مقدّس في اختيار شكل الحياة ، قد لا يكون سوى وسيلة لتبرير التجاوز على الآخرين، وما يُرفع كشعار للاستقلالية، قد يخفي في جوهره هروب من المسؤولية.
ليست كل حرية حق وخاليه من الشوائب وليست كل قيود ظلم، فبينهما شعرة تفصل بين حقّ الإنسان في أن يكون ذاته، وحقّ الآخرين في ألا يُدهسوا تحت قدميه باسم تلك الذات وحريتها .
الجحيم الذي تحدّث عنه " دانتي " في "الكوميديا الإلهيّة " لم يكن مجرد مكان للعقاب، بل كان مرآة للأرواح التي اختارت طرق بعينها ولم يعد بإمكانها التراجع.
الجحيم هو الشعور بأنك لو عُدت للوراء، لا يمكنك التصرّف بشكل مختلف، لأنّك ستظل الشخص نفسه، بضعفك وشهواتك وهشاشتك ذاتها .