الإسراء والمعراج بين الشك و الإيمان
جمال مختار
كانت دائما حادثة الإسراء والمعراج دائمًا محل إيمان لدى المسلمين ولها قدسيتها الخاصة ، ولكن كما هو الحال مع العديد من الأحداث والمعجزات الدينية، وُجِدت هناك أصوات تشكك في حدوثها أو في تفسيرها. سنتناول هنا بعضًا من أقوال المشككين وما قدّمه الدين الإسلامي من دلالات شرعية تثبت خطأ هؤلاء المشككين.
آراء المشككين
1.التشكيك في حدوثها بالعقل
بعض المشككين يعتبرون أن حادثة الإسراء والمعراج تبدو غير منطقية بالمقاييس العقلية التقليدية لأن الانتقال من مكة إلى المسجد الأقصى ثم العروج إلى السماوات في ليلة واحدة يُعدّ خارج نطاق القدرات البشرية.
2.التشكيك في مصداقية الروايات
هناك من شكك في صحة الأحاديث التي تحدثت عن المعراج، مشيرين إلى أنها قد تكون إما مدسوسة أو غير صحيحة.
3.البحث عن تفسيرات علمية
البعض حاول إعادة تفسير الحادثة في ضوء الفهم العلمي الحديث، مُشيرين إلى أن ما جرى للنبي كان تجربة روحية أو رؤيا بدلاً من رحلة جسدية.
الدلالات الشرعية التي تفند شكوكهم
1.النص القرآني
آية الإسراء من سورة الإسراء تُعتبر دليلًا قويًا على وقوع الإسراء: "سُبْحَانَ ٱلَّذِيٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَى". هذه الآية تُعطي الحدث صفة المعجزة الإلهية الخارجة عن نطاق الفهم البشري التقليدي.
2.الأحاديث النبوية
توجد العديد من الأحاديث الصحيحة التي تحدثت عن تفاصيل رحلة المعراج، بما في ذلك مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في السماوات واستلامه لفرض الصلاة.
3إجماع العلماء
معظم علماء الأمة اعتبروا الإسراء والمعراج من الحقائق الثابتة والتي تُعد من معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أجمعت الأمة على قبولها واعتبار التشكيك بها خروجًا عن الفهم الصحيح للدين.
4.التفسير الروحي للمعجزة
الإسلام يعترف بوجود معجزات خارقة للعادة، وهي جزء من الإيمان بالغيب. المعجزات لا تخضع لمعايير العقل البشري المحدودة، وإنما تُظهر قدرة الله المطلقة.
إن فهم المعجزات في الدين الإسلامي يتطلب النظر إليها في سياقها الروحي والإيماني. وبينما قد يحاول البعض إسقاط مفاهيم حديثة أو محدودة لفهم مثل هذه الأحداث، يبقى التفاسير الشرعية والإيمانية هي الأقوى في دحض الشكوك وإبراز الحكمة الإلهية في سرد هذه الحوادث.
وعندما نتعمق فى البحث نجد ان
ليلة الإسراء والمعراج وأهميتها في الإسلام لها شأن عظيم.
حيث تُعد ليلة الإسراء والمعراج من أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، فقد شكّلت نقطة تحول محورية في مسيرة الدعوة الإسلامية، حيث كانت إرهاصاً لدعم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإبراز مكانته الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى.
وقد تحدث العديد من العلماء والمفكرين عن هذه الليلة ومكانتها، ومن بين هؤلاء العلماء الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي ألقى الضوء على بعض الدروس والعبر المستفادة منها.
الإسراء والمعراج في القرآن والسنة
ذكرت حادثة الإسراء في القرآن الكريم في سورة الإسراء، حيث يقول الله تعالى: "سُبْحَانَ ٱلَّذِيٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَى" الإسراء: 1 أما عن المعراج فقد ورد في الأحاديث النبوية الصحيحة، حيث رفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العُلى وعرج به إلى سدرة المنتهى.
أهمية الإسراء والمعراج
تمثل هذه الليلة العديد من الدروس والعبر للمسلمين، منها التأكيد على دور الإيمان والصبر في حياة المسلم، خاصة حينما يواجه التحديات والصعوبات.
كما أن رحلة المعراج تعكس أهمية الصلاة في الإسلام، حيث فرضت خلالها الصلاة على المسلمين لتكون الركن الثاني في الإسلام بعد الشهادتين.
حديث الشيخ الشعراوي عن الإسراء والمعراج
الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي يعتبر من أبرز علماء الأزهر الشريف في القرن العشرين، تطرق في العديد من خطبه ودروسه إلى معاني ودروس الإسراء والمعراج. وقد أكّد الشيخ الشعراوي على أن هذه الحادثة جاءت تثبيتاً لقلب النبي في فترة اتسمت بالصعوبات والتحديات.
وقد أشار الشعراوي إلى أن من بين العبر المستفادة من هذه الليلة هو أن الإنسان مهما كان محاطًا بالتحديات، بإمكانه التغلب عليها بالإيمان واليقين بالله.
وفي الخاتمة
ليلة الإسراء والمعراج لاتزال تلهم المسلمين إلى يومنا هذا بأهميتها الروحية والدينية. فهي تذكرهم بإمكانية تحقيق المعجزات عبر الإيمان والعمل الجاد، وهي دعوة للتمسك بالدين والعمل على نشر رسالته السمحة.
إن تأمل دروس تلك الليلة المباركة والاستفادة منها يعزّزان إيمان المسلم ويدفعانه إلى تعزيز علاقته مع ربه والكون من حوله.