أين اختفى ذهب قارون وما علاقة مدينة دهب بسيناء بذلك
كتب د. عبد الرحيم ريحان
كشف الباحث صالح الصادق الرشيدى عن موقع دار قارون وحددها بمدينة دهب جنوب سيناء بالتفسير الجغرافى للقرآن الكريم وحساب الجمل، وقد ذكر قارون فى القرآن الكريم فى سورة القصص وغافر والعنكبوت
" إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ " القصص 76
"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَا وَسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَقَٰرُونَ فَقَالُواْ سَٰحِرٞ كَذَّابٞ" غافر 23 - 24
" وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا " العنكبوت 39- 40
ويشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أن الباحث استنتج من رقم سورة العنكبوت فى المصحف 29 ورقم الآية التى تشير إلى قارون 40 وعدد كلماتها 28، ورقم سورة القصص فى المصحف 28 ورقم سورة غافر 40 والآية 24 بها التى تشير إلى قارون عدد حروفها 30
ومنها تم استخراج الإحداثيات
30/28/40E شرق
29/29/شمال
وبالبحث في برنامج وتقنية قوقل ايرس عن هذه الأرقام تظهر لنا مدينة دهب في سيناء حيث المناجم التي كان يضع عليها يده قارون.
ويوضح الدكتور ريحان بأن هذا الاستنتاج ليس من المستبعد وربما تكون دهب أخذت اسمها من ذهب قارون، ومدينة دهب تتميز بأسرار متعددة فى أوديتها وشواطئها التى تنعكس عليها أشعة الشمس فتعطى بريق الذهب ربما لاختلاط رمالها بالتبر من بقايا ذهب قارون، وهى مدينة تجمع بين جمال الطبيعة وعمق التاريخ وتمتلك مقومات عديدة للسياحة في مكان واحد سياحة الآثار والرياضات البحرية والسفارى بين جبالها وأوديتها، وبها أجمل منظر غروب في العالم يحرص على تصويره كل روادها وبهذا ففى سيناء أجمل منظر شروق في العالم من على قمة جبل موسى وأجمل منظر غروب بدهب.
ويضيف الدكتور ريحان أن المنطقة السياحية بدهب تحتضن آثارًا خالدة تشمل الفرضة البحرية لميناء دهب البحرى على خليج العقبة وهى الموقع الذى يخدم الميناء، وقد استخدمه الأنباط بسيناء منذ نهاية القرن الثانى قبل الميلاد وحتى عام 106م لخدمة التجارة بين الشرق والغرب واستمر فى الفترة الرومانية لنفس الغرض التجارى، والمنطقة الأثرية بدهب مسجلة كأثر بالقرار رقم 820 لسنة 2008، والمبنى الخاص بالميناء تخطيطه مستطيل له سور خارجى وبوابة محاطة ببرجين دفاعيين من داخل السور ويحوى 23 حجرة بالجزء الشمالى كمكاتب لخدمة حركة تسيير ونقل البضائع من وإلى الميناء والجزء الجنوبى يحوى 24 حجرة هي مخازن البضائع عثر بها على جرار للتخزين وسبائك نحاسية.
ويتوسط المبنى فنار لإرشاد السفن بالخليج ومحرقة كانت تحرق فيها الأخشاب المستخدمة للفنار وعدد 12 حجرة بالجهة الغربية لمبيت بعض العاملين بالميناء، والبناء اتضح فيه التفاعل بين الإنسان والبيئة من استخدام أحجار مرجانية متوفرة في المناطق الساحلية المشرفة على البحر الأحمر وهى أحجار أكثر صلابة وأكثر مقاومة لعوامل التعرية والأملاح كما استخدمت مونة من الطفلة البحرية التي تتكون من الرمل والحمرة ومركبات كلسية طينية تتواجد دائمًا قرب شاطئ البحر.
وينوه الدكتور ريحان لإعادة ستخدام ميناء دهب في الفترة البيزنطية من القرن الرابع إلى السادس الميلادى من خلال ما تم العثور عليه من أوانى فخارية كان يستخدمها الحجاج المسيحيون ممتلئة بالمياه من بئر شهير من منطقة أبو مينا بالإسكندرية أول محطة للحجاج إلى جبل موسى والقدس عابرين سيناء في طريق شهير للحج شرق وغرب سيناء بطول 750كم وله عدة محطات على طول الطريق.
وكان يركب الحاج المسيحى مع الحاج المسلم نفس السفينة من ميناء القلزم (السويس) إلى ميناء الطور حين تحول طريق الحج الإسلامى بسيناء من الطريق البرى إلى الطريق البحرى منذ عام 1885م، ومن ميناء الطور يتجه الحاج المسلم والمسيحى لزيارة الأماكن المقدسة بمنطقة الجبل المقدس (دير سانت كاترين حاليًا)، وترك الحجاج المسلمون كتاباتهم على محراب الجامع الفاطمى داخل الدير، ثم يعود الحاج المسلم ليأخذ طريقه من ميناء الطور إلى ميناء جدة ويتجه الحاج المسيحى من دير سانت كاترين إلى القدس أو يكتفى بالحج إلى جبل الشريعة وله عدة مسميات جبل المناجاة وجبل موسى وجبل سيناء.
وتابع الدكتور ريحان أن المنطقة الأثرية بدهب يطلق عليها "تل المشربة" حيث كانت الجمال تأتى لتشرب من البحر عند هذه المنطقة ولم يعرف أحدًا من أهل المنطقة سر هذا حتى اكتشف أهل سيناء وجود ماء عذب على الشاطئ نفسه تشرب منه الجمال فسميت المنطقة تل المشربة، وقد قامت بعثة آثار منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية بأعمال حفائربتل المشربة بداية من عام 1989 وحتى عام 2002 كشفت عن منطقة خدمات الميناء الوحيد للأنباط بسيناء ويطلق عليها الفرضة البحرية لميناء دهب.