دور الأدب في حياتنا
كتبت - د . سعدية العادلي
عندما قرأت هذا الكتاب المعنون بجابو لفت نظري اسم الكتاب وتأثرت جدًا بالموضوع فقد تناولت الكاتبة موضوع هام وهو مرض نفسي يصيب الأبناء تظهر أعراضه في صورة خفيفة وغالبا ما يصيب الأذكياء.
فهم يخفون ويكبتون مشاعرهم ويتصرفون بصورة طبيعية جدا
وبصعوبة نكتشف أعراض المرض من خلال أفراد الأسرة المقربين للطفل أو للمريض كما حدث مع جابو.
فوالده ضابط وهو شخصية سلطاوية بالنسبه لابنه، فهو لا يصاحبه إنما يأمره ويكلفه بمهام صعبة وحساسية.
فقد كلفه برعاية جده الدكتور جابر المصاب بالزهايمر عندما أخبره الطبيب المعالج بأن الزهايمر مرض خطير يعرض المريض
للكثير من المخاطر.
واقترح الطبيب وجود ممرض أو ممرضه خاصة لرعاية الجد واعطائه الأدوية في مواعيدها بدقة ونظام والا سيتعرض
المريض لمشاكل كبيرة.
فكر الاب قليلا ثم رشح ابنه جابر للقيام بهذه المهمة الصعبة بالرغم من صغر سن جابر فهو لا يتعدى الثالثة عشر من العمر
ولكنه ذكي لماح محبا لجده وهو أقرب الناس إليه وأكثرهم راحة في صحبته.
كذلك الأم كثيرا ما تلجأ إلى ابنها ليساعدها في قضاء حاجاتها المنزلية وأيضا للعناية باخته الصغيرة ليلى يحضر لها الرضعات ويهتم بنظافتها ومتابعتها خوفا عليها.
كان الطفل جابر الصغير خارج المنزل
عندما خرج الجد الدكتور جابر ولم يعد ولم يعثر عليه أثناء البحث سأل الوالد ابنه جابر هل أعطيت جدك الدواء في موعده؟
رد جابر تقريبا.
عاتب الوالد جابو الصغير واتهمه بأنه أهمل في اعطاء الدواء لجده وكان ذلك سبب ما حدث.
بعد عودة الجد بالسلامه أخذ جابو لوح من الورق وأخذ يقسمه مربعات ثم قص المربعات وكتب على كل مربع اذا قابلت هذا الرجل فاتصل بحفيده جابو وترك رقم هاتفه ثم وضع كل مربع في جيب من جيوب ملابس جده.
وبعد فترة وبالفعل وفي غفلة منهم خرج الجد مرة ثانية ولم يعثروا له على أثر .
وهنا أشار عليهم جابو أن يفرغوا كاميرات
المكان ليتعرفوا على الاتجاه الذي صار فيه الجد وأثناء البحث رن تليفون جابو وبالرد أخبره المتصل أنه وجد رجال مسنا وبجيبه ورقة مسجل عليها اسم جابو وهذا الرقم وذكر لهم مكان تواجدهم فذهبوا اليه
وعادوا ومعهم الجد.
احتضنت الأم ابنها جابو الذي سمعها تخبر فيما بعد والده بضرورة عرض جابو على طبيب نفسي ، فقد لاحظت تصرفات
غير طبيعية لابنها وهنا ثار الاب معللا بأنه لم يلحظ شيئا من هذا الذي تدعيه الأم .
غضب جابو في أول الأمر ثم ذهب بصحبة أبيه وأمه وجده وهناك كانت المواجهة الهادئة بمساعدة المعالج النفسي بين جابو ووالده الذي لا يلقى اهتماما بأحداث تبدو له عادية ولكنها كانت تؤثر تاثيرا سلبيا
يؤذي مشاعر الابن فيلوذ بالصمت لأن ابيه لا يسمح له أن يحاوره أو يشركه فيما يأخذه من قرارات بشأنه ومنها :
أولا : أن والده اسماه جابر على
اسم جده الدكتور جابر وكانت هذه رغبته دون وعي منه أن الاسم كان غريبا في ذلك الوقت بالنسبة لجابو الصغير وأقرانه ومن يماثلونه سنا في المدرسة فكان في قرارة نفسه يكره هذا الاسم رغم حبه لجده وصداقته إياه ورعايته له.
ثانيا : عندما حدث خلاف بين جابو وزميله بالمدرسة نقل الأب جابو إلى مدرسة أخرى وأخذ لابنه حقه في عقاب زميله ولكن
جابو ظل متأثرا لأن زملاءه تنمروا عليه في السوشيال ميديا ووضعوا رأسه على جسد حمار وكتبوا لفظ خافوا بدلا من جابو.
ولو ناقشه والدهوأخذ رأيه في هذه المشكلة لأخذ جابو حقه بنفسه وبقي بالمدرسة وسط أصدقائه الذين صاحبهم سنوات عديدة مما سبب له أزمة نفسية، إلى جانب عندما عاد الجد وكان هو السبب في عودة جده بسبب البطاقات التي كتبها ووزعها في ملابس الجد لم يشكره أحد ولم يثني أحد على عمله بعد أن عاد الجد سالما آمنا.
أيضا وجه عتابا إلى أمه التي تكثر النداء باسمه الذي يكرهه لمساعدتها ورعاية أخته الصغرى ، أليست كل هذه المهام صعبة
وثقيلة على طفل ما زال في الثالثة عشر من عمره ولم يستطع الرفض أو
الاعتراض أو حتى التعبير عن نفسه بل كبت احساسه حتى ظهر في صورة مرضية تؤذيه نفسيا.
وهذه خلاصة القصة التي وجهتها الكاتبة رانيا بده إلى اليافعين.
وَلكني أوصي الآباء والأمهات بقراءة الرواية وأن يلتفت الكتاب والمؤلفون إلى
مثل هذه المشكلات المجتمعية التي تؤثر سلبا على أطفالنا وأن يهتم المسؤولون عن الأعمال الدرامية بالقضايا التي يعاني منها المجتمع ويتم لفت النظر إليها .
وبدلا من المسلسلات المترجمة التي لا تتناسب مع مجتمعاتنا بل تنشر أفكارا غريبا يلفظها المجتمع المصري والمجتمعات
العربية من قتل وسرقة وانحرافات أخلاقية.
أحيي الكاتبة رانيا بده على فكرة الرواية فقد تيقنت دور الأدب في خدمة المجتمع وأهمية ، إضافة بعض القيم والسلوكيات وترسيخها في التعامل بين أفراد الأسرة
وتعزيز بعض المفاهيم التي يغفل عنها الاباء والأمهات .