فج الجاموس: أسرار مليون مومياء في قلب الصحراء المصرية
أسرار مليون مومياء في قلب الصحراء المصرية
كتبت - دكتورة ميرنا القاضي
باحثة في علم المصريات والشرق الأدنى
دعونا نستكشف سويًا عالم مقبرة "فج الجاموس"، حيث تتوارى مليون مومياء في أحضان الصحراء المصرية.
هذه المقبرة الغامضة تحمل في جنباتها أسرارًا تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية.
في قلب الصحراء، تنتظرنا مومياءٌ ترتدي ثيابًا ملونة، وأخرى ذهبية الشعر، وتحمل أسرارًا لم يكشف عنها بعد. هل كانت هؤلاء الأرواح جزءًا من الطبقة العليا؟
أم أنهم كانوا مواطنين عاديين يعيشون حياتهم اليومية في مصر القديمة؟
ماذا يعني تجميع مليون مومياء في هذا المكان؟
هل كان هذا احتفالًا بالحياة أم مأساة جماعية؟
هل كانت هذه الجثث محنطة بالطرق التقليدية أم تم الاحتفاظ بها بشكل طبيعي؟
هل كانت مجرد خطأ في التقدير أم هناك دوافع أخرى؟
دعونا نستكشف معًا تفاصيل هذه المقبرة الفريدة ونحاول فك رموزها.
هل أنتم مستعدون للمغامرة؟
الموقع والاكتشاف
في العام 2014، أثارت شائعة مليون مومياء في مصر ضجة كبيرة.
زعمت بعثة آثار أمريكية من جامعة "بريجام يونج" أنها اكتشفت مقبرة تضم هذا العدد الهائل من المومياوات في قرية "فج الجاموس" الأثرية بمحافظة الفيوم.
وكانت الصحيفة البريطانية "ديلي ميل" قد نشرت هذا الخبر، مما أثار اهتمام العالم بشكل كبير.
و نشرت عدة جرائد عالمية ومجلات علمية منها life science خبر عن أعظم الاكتشافات التاريخية، إذ عثر على جبّانة مصرية تضم تقريباً مليون مومياء وقد تمكن فريق من الأثريين التابع لجامعة بريغهام يونغ (أوتا، الولايات المتحدة)
بعد ثلاثين عاماً من العمل المتواصل
من تحقيقه.
تقع المقبرة وسط الصحراء بمنطقة تسمى "فج الجاموس"، تابعة لمحافظة الفيوم وهي المنطقة التي عثر فيها قبل 30 عاماً على هرم سيلا قليل الشهرة، وكان فريق الكشف التابع للجامعة المذكورة، بدأ من ذلك الحين، في أعمال تنقيبية بحذر شديد للحفاظ على المنطقة الأثرية، حتى أعلن كيري مولشتاين، البروفيسور بقسم الكتابة المصرية القديمة، احتمالية العثور على مليون مومياء مدفونة.
ويرجع أصل تسمية المنطقة
بـ"فج الجاموس"
بسبب وجود شق بين جبلين يسمى فج كان اللصوص يسرقون منه الجاموس ويهربونه من هذا الفج من محافظة الفيوم إلى محافظات مجاورة وبالأخص بني سويف؛ ولذا سُميت المنطقة
بـ"فج الجاموس"
المومياوات والتحنيط
وبحسب البروفيسور، قد ترجع الأجساد إلى فترة الإمبراطورية الرومانية أو البيزنطية (من القرن الأول حتى السابع بعد الميلاد) مع ذلك، ورغم الاكتشاف المذهل، يوضح فريق الكشف أيضاً أن الغموض يحيط بتجميع هذا الكم الهائل من المومياوات في هذا المكان، وسبب هذه المقبرة الجماعية الملفت، بحسب الأبحاث، أن الموتى مرصوصين بحسب لون شعرهم، بداية من اللون الفاتح حتى الأحمر.
كما عثر على مومياوات كانت ذهبية الشعر مدفونة جميعها في منطقة واحدة، بينما ظهرت بعض المومياوات الأخرى حمراء والاسود الشعر مدفونة في منطقة أخرى منفصلة عن الأولى.
وقال البروفيسور كيري مولشتاين:
"كانت أعضاؤهم الداخلية نادرا ما يتم نزعها من أجل إجراء عمليات التحنيط المتعارف عليها، بدلا من ذلك، كانت البيئة الطبيعية القاحلة هي التي تقوم بتحنيط أجسادهم، لذلك فأنا لا أعتقد أن مصطلح التحنيط يصلح هنا لوصف ما حدث لهم".
يبدو أن الهياكل العظمية والمومياوات الطبيعية (أي ليست نتيجة التحنيط الاحترافي كما كان مستخدم في الملوك) لقد تم الحفاظ على الجثث بشكل جيد، لذا فإن الأعضاء والبقايا شبه كاملة.
والحفظ هو نتيجة احتجاز الرطوبة والجو في مكان الدفن.
وتم استخراج ما يقرب من 1000 جثة من الموقع لدراستها ثم يعاد دفنها مرة أخري.
هذا ولم يتمكن فريق الباحثين من معرفة مصدر هذه المومياوات على وجه التحديد
ولا من أين أتت، حيث يبلغ عددها مليون تقريبا، وهو عدد ضخم يمثل لغزا للباحثين
لم يستطيعوا حله بعد.
الغموض والتساؤلات
الغريب أن أحدى المومياوات التي عُثر عليها تخطى طولها حاجز المترين.
(213 سنتيمتراً)، ولابد أن الجسم كان مثنياً في المقبرة حتى يتمكنوا من وضعه
ويرى البروفيسور أن هذا الحجم غريب على المصريين، نظراً لنوعية تغذيتهم.
وقال الباحثون إن المقبرة لم تكن تخص ملوكا ولا مقربين منهم، وأن المومياوات كانت مدفونة بدون متعلقات الدفن وبدون توابيت أو نعوش على عادة المصريين القدماء.
وعلى الرغم من الحالة السيئة للموتى، فقد وجد الباحثون عددا من آثار بعض المقتنيات الجميلة، بما في ذلك الكتان والزجاج وحتى الجوارب الملونة المصممة للأطفال.
أحد أهم الاكتشافات بهذه المقبرة الجماعية هو مومياء لطفلة عمرها 18 شهراً، محاطة بجلباب وترتدي عقداً وسلسلة من الأساور في كل رسغ.
وقد قال مدير المشروع "كيري مولشتاين"
وهو أستاذ مشارك في قسم المخطوطات القديمة في جامعة بريغهام يونغ: في ورقة قدمها لـ"جمعية الدراسات المصرية القديمة" في تورنتو بكندا، إلى أنه "على يقين كاف من أن هذا المكان يضم جبّانة تحوي ما لا يقل عن مليون مومياء مدفونة
فالمقبرة كبيرة وضخمة"
الاكتشاف الخاطئ
ومع ذلك، تبين لاحقًا أن هذا النبأ ليس صحيحًا. فالبعثة الأمريكية لم تكتشف مليون مومياء، والمقبرة التي عثرت عليها كانت تحتوي على هياكل عظمية فقيرة وبقايا عظام يقدر عددها بعدة آلاف.يطلق عليها جبانات العامة وتكون من دون متعلقات الدفن وبدون توابيت أو نعوش والاستثناء الوحيد أن البعثة عثرت عام 1988 على تابوت من الخشب عليه قناع من الجص المذهب وتم دراسته وتقرر عرضه في متحف مطار القاهرة .
وتم إيقاف التعاون مع البعثة بسبب نشر معلومات خاطئة. كما أنها خالفت قرارات اللجنة الدائمة بعدم الإدلاء بأية تصريحات صحفية دون الرجوع إلى المجلس الأعلى للآثار، وذلك بعد أن عملت البعثة في هذا الموقع لمدة ٣٠ عاما .
وان ما نشر حول هذا الموضوع هو مجرد رقم توقعه باحث في ورقة بحثية قدمها إلى جمعية دراسة الآثار المصرية في تورنتو بكندا، وليس حقيقة تمت علي أرض الواقع.
وبالطبع عزيزي القارئ تتساءل لماذا نشرت البعثة هذه االشائعه؟
انتشرت هذه الشائعة حول اكتشاف مليون مومياء في مصر لعدة عوامل. ولنستعرض بعض هذه الأسباب:
1ـ الإعلام والصحافة: الأخبار الغريبة والمثيرة تجذب انتباه الجماهير، وقد يكون لديها تأثير كبير على القراء والمشاهدين.
لذا، قد يكون هناك دافع لنشر معلومات مثل هذه الشائعة.
2ـالتسريبات والتصريحات الرسمية: قد يكون هناك تسريبات من داخل البعثة أو تصريحات رسمية أثارت الجدل وأدت إلى انتشار هذه الشائعة. قد يكون الهدف من ذلك هو جذب الانتباه أو تسليط الضوء على البعثة.
3- التشويق والغموض: قد يكون الهدف من نشر هذه الشائعة هو إثارة التشويق والغموض، مما يجعل الجمهور يتساءل ويبحث لمعرفة المزيد.
في النهاية، يجب دائمًا أن نكون حذرين ونتحقق من صحة المعلومات قبل أن نصدقها أو ننشرها.
البحث الدقيق والتحقق من المصادر هو أمر ضروري لتجنب انتشار الشائعات والأخبار الزائفة.