البحر والبحّارة في مصر القديمة
كتب: د. عبد الرحيم ريحان
كانت البحارة تنقسم إلى أشخاص وسفن وآلهة الإبحار، وكان لهم حوالي 36 مسمى مثل عبرو تطلق علي الفريق وكان لكل وظيفة من وظائف الإبحار مسمى مثل ريمو المقصود بة المُجدف وكان لكل سفينة مواصفات خاصة بها وذلك لأن البحارة كانت تنقسم إلى بحارة عسكرية وبحارة سِلمية والمقصود بها السفن التجارية التي تستخدم للإبحار بهدف التجارة سواء في نهر النيل أو البحار
ومن هذا الإطار كانت دراسة الباحثة الآثارية آيات أسعد رضوان عن البحر والبحّارة في مصر القديمة
دور نهر النيل كمسار تجاري:-
تشير الباحثة الآثارية آيات أسعد رضوان إلى أن نهر النيل بالنسبة للحضارة المصرية القديمة هو شريان الحياة وهو الذي شكل معالم هذه الحضاره وتطورها في هذا الوقت.
لم يقتصر نهر النيل على أنه مصدر للماء والغذاء فقط حيث ان المتعارف عليه أن الحضارة المصرية القديمة أصلها حضارة زراعية في المقام الأول ولكنهم كانوا بارعين في كل المجالات مثلما برعوا في الطب والفلك وغيرهم برعوا أيضا في مجال الإبحار والتجارهة فاستخدموا نهر النيل كممر تجاري حيوي ورئيسي لنقل البضائع والثروات ولأنه بمثابة شريان الحياه لمصر القديمه سهل التبادل التجاري مع الحضارات الأخرى مما ساهم في إزدهار الإقتصاد المصري القديم وجعل مهنه البحرية واحدة من المهن الهامه في ذلك الوقت.
كان يستخدم لنقل السلع الأساسية مثل الحبوب والزيوت والمواد الخام مثل الأخشاب والأحجار هذا التبادل التجاري لم يكن يقتصر على الحضارات القريبة فقط ولكن تعداة مما فتح التواصل الثقافي والدبلوماسي بين مصر وغيرها من الحضارات كذلك نقل المعارف والأفكار والإبتكارات بين المصريين وغيرهم لذلك اقول أن نهر النيل كان له دور في تأسيس الحضارات المصرية القديمة وعامل رئيسي في إزدهار الإقتصاد وتوسعها الثقافي وكممر تجاري ساهم النيل في تشكيل جسر تواصل بين مصر والعالم مما جعل الحضارة المصرية إحدى الحضارات القائدة والمؤثرة في التاريخ البشري.
الرحلات الاستكشافيه للبحارة المصريين
وتوضح الباحثة الآثارية آيات أسعد رضوان أن الرحلات الإستكشافية ترتبط بالمقومات البشرية والطبعية التي كانت تتوفر في البحارة، القوه الجسمانية لكي يكون لديهم القدرة على مواجهة المخاطر التي تواجههم، معرفتهم بالفلك والنجوم وسرعه الرياح والأمواج وهنا نلاحظ أن في كل مركب مراقب واقف في مقدمتها، ثقافة التعامل مع البحر وأن كل فرد منهم يعرف دورة لأن البعثات كانت تقطع ألاف الأميال سواء كانت عسكرية أو تجارية.
كما كان لابد من الإلمام ببناء السفن وصيانتها، هذه المعرفه مكنت المصريين من إبحار البحار وإستكشاف أراضي جديدة ورحلات إستكشافية جزئية أدت إلى توسع الحدود المصرية وفتح المجال للتبادل في كافه المجالات.
وإليكم بعض أمثلة لأهم رحلات المصريين القدماء:-
1- رحلة الملك سنفرو
الملك سنفرو مؤسس الاسره الرابعه بلغت فتره حكمه 48 عاما حكم من 2613 ق. م إلي 2589ق. م
كان عهده يتمتع بالانتعاش الاقتصادي بفضل العلاقات التجاريه مع فينيقيا وهي بلاد سوريا ولبنان حاليا حيث أرسل أسطول بحري مكون من 40 سفينة لإحضار أخشاب الأَرز من ميناء جِبيل لإسخخدامها في صناعة السفن والمجاديف صنع منها حوالي 16 مجداف.
اما بالنسبة لرحلاتة العسكرية فمنها حملتة إلى بلاد النوبة لإعادة الأمن والطمانينة إلى حدود مصر الجنوبية وقتها عاد جيش الملك سنفرو ب 7000 شخص من الأَسرى و 200 ألف رأس من الثيران والاغنام.
2- رحلة الملكة حتشبسوت:-
حكمت الملكة حتشبسوت من 1503 ق. م إلى 1482 ق. م
تميز عهدها بالإستقرار والأمن والنهوض بالفنون والتجارة.
إتجهت سياستها نحو قارة إفريقيا فأرسلت بعثة تجارية إلى بلاد بونت (الصومال حاليا) كانت مكونة من عدةسفن شراعية عبرت البحر الأحمر حتى وصلت إلى بونت وقتها استقبلها حاكمها وقدمت البعثة الهدايا إليهم ثم عادت محملة بالذهب والبخور والعطور والأبنوس والعاج والجلود وبعض الحيوانات وصُورت هذه الرحلة على جدران معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري.
وأرسلت رحلة الى أسوان لجلب الأحجار الضخمة لإقامة مثلتين عظيمتين في معبد الكرنك بالأقصر.
3- رحلة الملك نخاو الثاني مع البحارة الفينيقين : _
تفاصيل الرحلة الإستكشافية التي قام بها الملك نخاو الثاني مع البحارة الفينيقيين
الملك نخاو الثاني حكم مصر في الفتره ما بين 610 ق. م إلى 595 ق. م
كان عهدة مليء بالمشاريع الكبرى ومن ضمنها التوسعات البحرية
بالنسبة للفينيقيين كان لهم دور بفضل مهاراتهم البحرية الفريدة من نوعها وقدرتهم على الإبحار لمسافات طويلة وكان لهم دور مهم في العالم القديم وكانو رواد في فتح آفاق جديدة للتجارة واإستكشاف وبفضل هذه المهارات جعل إختيار الملك نخاو للبحارة البفينيقيين أمر مهم للقيام برحلة مهمه جدا بتكليف من الملك نخاو الثاني.
أبحرت الرحلة عبر البحر الأحمر وما حول القارة الإفريقية وكان ذلك انجاز هائل في ذلك الوقت لأنها لم تكن مجرد بحث عن طرق تجارية وحسب بل كانت مهمة إستكشافية لتعزيز المعرفة الجغرافية والتاريخية فكان لها تأثير على الخرائط الجغرافية القديمة لأنها ساهمت في توسيع الفهم العالمي للجغرافيا بطرق لم يعهدها أحد من قبل وأثارت تشكيل الفهم والتصورات السائة للعالم وأصبحت مرجعاً للمستكشفين.
الألهة المرتبطة بالبحارة والإبحار في الديانة المصرية القديمة:
ونوهت الباحثة الآثارية آيات أسعد رضوان إلى دور الآلهة في رعاية الإبحار والتجارة، الإبحار لم يكن مجرد وسيلة للتنقل والتجارة بل كان جزءاً لا يتجزأ من الحياة الدينية والثقافية للمصريين القدماء.
الآلهة مثل رع، حورس، وإيزيس كانت تعتبر حراس البحر وموجهي السفن الذين يحمون الرحلات البحرية من المخاطر.
رع، إله الشمس، كان يعتبر الموجه الأعلى للسفن، بينما كان حورس، إله السماء، يرمز إلى الحماية والقوة العسكرية للمصريين في البحر. إيزيس، إلهة الخصوبة والحكمة، كانت تدعى لحماية الرحلات البحرية وتسهيل التجارة والتواصل بين الثقافات المختلفة.
قبل الإبحار، كان البحارة والقوافل التجارية يؤدون طقوساً وشعائر دينية لاستدعاء حماية هذه الآلهة. الطقوس كانت تشمل تقديم القرابين، وترتيل الأناشيد الدينية، وإجراء التضحيات لضمان رحلة آمنة ومثمرة. هذه الشعائر كانت تعزز الرابط بين العالم المادي والروحي، مؤكدةً على الدور الحيوي الذي كانت تلعبه الآلهة في كل جوانب الحياة.
في مواجهة المخاطر الطبيعية والهجمات أثناء الرحلات البحرية، كان الإيمان بحماية الآلهة يُعتبر السند الأساسي للمصريين القدماء. الآلهة لم تكن تحمي فقط من العواصف وأخطار البحر، بل كانت تمنح أيضاً الشجاعة لمواجهة التحديات وتأمين النصر على الأعداء.
التمثيل الفني والأدبي لآلهة الإبحار يمكن العثور عليه في العديد من الآثار والنصوص المصرية القديمة، مما يظهر الإعجاب والتقدير العميق لهذه القوى الروحية. المعابد، النقوش، والأدب كله كان يحتفي بدور الآلهة في حماية وإنجاح الرحلات البحرية، ويعد تراثًا دائمًا للثقافة المعقدة والغنية للمصريين القدماء