أصداء الخلود : رحلة في أروقة التاريخ المصري العظيم
أصداء الخلود
بقلم : دكتورة ميرنا القاضي
باحثه في علم المصريات والشرق الادني
في قلب مدينة الغردقة، حيث تتلاطم أمواج البحر الأحمر بشواطئها الذهبية يقف شامخًا متحف الآثار، حارسًا لأسرار الزمان.
هذا المعلم الثقافي ليس مجرد ملتقى للتاريخ، بل هو رحلة عبر العصور، تنقلنا من عبق الماضي القديم إلى نسمات الحاضر العصري.
في كل ركن، قصة تُروى، وفي كل فترينة حكاية تُحكى تتجلى الحكمة المصرية القديمة في تلك الفتارين العظيمة
حيث تُعرض القطع الأثرية بأسلوب يحكي قصص الأجداد بصدق وعمق. ومن بين هذه الكنوز، يبرز نموذج مقبرة المصريين القدماء
معلمًا يحتضن بين جدرانه تاريخًا مجيدًا.
حيث الأبواب تفتح أذرعها للأبدية والتماثيل تهمس بأسرار الخلود.
تُظهر المقبرة بكل تفاصيلها، من التابوت العتيق إلى الأواني التي كانت تحتضن الأحشاء، مرورًا بالنازحات والتماثيل التي تُجسد النائحات، وكأنها تعيد سرد قصة إيزيس وأوزوريس بكل عاطفة ووجدان.
حيث أن نموذج المقبرة يضم مقصورة حقيقية والتى يوضع فيها التابوت وكانت تسحبه الثيران قديما، وكانت من المورثات الشعبية ان السيدات من اقارب المتوفى يكونوا الاقرب للتابوت وهو فى طريقة للمقبرة، حيث توجد داخل المقابر تماثيل كثيرة لسيدات يطلق عليهم النائحات وتم اقتباسها من قصة ايزيس واوزوريس.
في هذا المتحف، لكل مومياء حكاية، ولكل تابوت رواية، تُروى على مسامع الأجيال.
متحف الغردقة يُعد من المتاحف النادرة التي تقدم نموذجًا كاملًا لمقبرة مصرية قديمة، مما يوفر تجربة غنية وتعليمية للزائرين الراغبين في استكشاف وفهم الطقوس الجنائزية والمعتقدات الدينية للمصريين القدماء.
حيث ينبض التاريخ بالحياة، تتجلى روائع الحضارة المصرية في أروقة متحف الغردقة.
متحف الغردقة هو أول متحف يُبنى بالشراكة مع القطاع الخاص في المنطقة وتتولى وزارة السياحة والآثار إدارته بالكامل. يضم المتحف ما يقرب من 2000 قطعة أثرية، كل قطعة تروي جزءًا من تاريخ مصر الغني، بدءًا من العصور المصرية القديمة، مرورًا باليونانية والرومانية، وصولًا إلى العصور المسيحية والإسلامية، وانتهاءً بالعصر الحديث. حيث يُمكن للزائرين الإبحار في رحلة عبر الزمن لاستكشاف الفنون والعادات والمعتقدات التي شكلت الهوية المصرية عبر العصور.
ومن بين معروضاته النادرة، تمثال الملكة ميريت آمون، ولوحة الأميرة فاطمة إسماعيل، وقطع أثرية من حطام سفينة غارقة، وصندوق التوراة، مما يُبرز التنوع الثقافي والديني الذي عاشته مصر.