التكامل في الأمن القومي
كتب : محمود فوزي
يقع الأمن القومي المصري بين ثلاث متغيرات اساسية وهى :
القدرة العسكرية، والأبعاد الاقتصادية المتصلة بالعدالة الاجتماعية، والأبعاد السياسية .
مؤدي ذلك أن تهديدات الأمن القومي المصري لم تعد تهديدات خارجية فقط بلا خارجية و داخلية التى تتعلق بمدى توافر توفق قومي حول الأهداف الكبرى لمصر.
حيث إن ضمانة تحقيق غايات التنمية الشاملة في مجالاتها ومستوياتها وأبعادها المتعددة بالدولة المصرية، يقوم في الأصل على مقومات الأمن القومي بصورة متكاملة لا تنفك عن بعضها البعض
إذ تشكل سياجًا منيعًا ضد المخاطر
أو التهديدات، ويؤدي لحالة من الاستقرار على كافة المستويات الداخلية والخارجية وفي المقابل يؤدي الصدع أو الخلل في مقومات الأمن القومي يضعف المجتمع ويسهل النيل منه وقد يصل الانهيار.
وقد ذكرنا سابقاً أن التكامل فى الأمن القومى المصرى بين متغيراته الثلاثة وهى؛ القدرة العسكرية، والأبعاد الاقتصادية المتصلة بالعدالة الاجتماعية والأبعاد السياسية التى تمتد إلى المشاركة الفاعلة فى صنع السياسة المصرية.
كما تعنى كذلك التضمين وعدم الاستبعاد ومهما كانت الأسباب، إنها تغطى مفهوم المواطنة بما تعنيه من عدم التمييز
أو التفريق بين المواطنين.
بهذا المعنى فإن المفهوم التقليدى للأمن القومي والذي يقتصر على القدرة العسكرية وحدها، لم يعد ملائما أو صحيحا.
ولقد تطورت استراتيجيات الأمن القومي فى الدول الكبرى؛ كالولايات المتحدة الأمريكية، لتتضمن كلا من الحرية والعدالة كأساسين لا يتحقق الأمن القومى بدونهما.
وإذا كانت إسرائيل بما لديها من خطط استراتيجية تجاه مصر، وبما لديها من أسلحة نووية ونظرا لرفضها حل القضية الفلسطينية وبما تحتله من أراضى دول عربية شقيقة ـ سوريا ولبنان ـ تمثل التهديد الرئيسي للأمن القومى المصرى حتى اليوم لأن كل ما سبق يشير إلى اختلال فى توازن القوى العسكرى، كما يشير كذلك إلى توسيع نطاق التشدد الدينى، وامتداد شعبية التيارات الدينية فى الوطن العربي والعالم الإسلامى، كما أن الاتفاق المبدئى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن تبادل الأراضى بين مصر وإسرائيل وهو اتفاق لم تكن مصر طرفا فيه وهو الذى نوقش بين الطرفين منذ أكثر من ست سنوات، يشكل حجر الزاوية فى استراتيجية إسرائيل نحو خلخلة قطاع غزة وتصدير التشدد الدينى فيه وحوالى نصف عدد سكانه إلى مصر.
ويرتبط بذلك، ولا ينفصل عنه، محاولات إسرائيل توثيق علاقاتها المتنوعة بكل من إثيوبيا وجنوب السودان؛ فمن المعلوم أن أكثر من 85% من مصادر مياه النيل تأتى من إثيوبيا، وأن أية مشروعات للسدود هناك تؤثر، بالقطع، على حصة مصر من تلك المياه، وهكذا، تهدد إسرائيل التكامل الإقليمى على الحدود الشرقية، ومصادر المياه على الحدود الجنوبية، وقد يتصاعد التهديد إذا وصل نفوذها إلى الحدود الغربية. يضاف إلى ما سبق، أن المحاولات الإيرانية لإحياء الامبراطورية الفارسية التى تمتد إلى دول الخليج خصوصا البحرين والكويت والإمارات وجنوب العراق، يشكل تهديدا ليس فقط للدور الإقليمى المركزى لمصر، ولكن أيضا للمصالح الاقتصادية والمالية المصرية فى دول مجلس التعاون، التى تتعلق بالعمالة المصرية والاستثمار الأجنبى المباشر، وهو ما يؤثر بالتبعية على الأوضاع الاقتصادية فى مصر، وينعكس بالضرورة على مفهوم العدالة الاجتماعية وجودة الحياةوالتي تشكل البعد الثانى للأمن القومى.
واخيرا البعد الثلاث
العدالة الاجتماعيّة هي أحد النظم الاجتماعيّة التي من خلالها يتم تحقيق المساوة بين جميع أفراد المجتمع من حيث المساوة في فرص العمل، وتوزيع الثروات والامتيازات، والحقوق السياسيّة، وفرص التعليم، والرعاية الصحيّة وغير ذلك وبالتالي يتمتّع جميع أفراد المجتمع بغضّ النظر عن الجنس، أو العرق، أو الديانة
أو المستوى الاقتصاديّ بعيش حياة كريمة بعيداً عن التحيّز وتقوم العدالة الاجتماعيّة على عدّة عناصر ومقوّمات من أبرزها :
المحبّة
ويقصد بها أن يحبّ كل شخص لغيره ما يحب لنفسه، تحقيق الكرامة الإنسانيّة.
نشر المساوة والتضامن بين جميع أفراد المجتمع.
احترام وتعزيز مفهوم العدالة الاجتماعيّة.
و بدون تحقيق هذة المقومات الثلاثة الأساسية سوف يكون هناك تأثير علي الأمن القومي المصري .
حفظ الله مصر