مصر مستودع كنوز الارض
بقلم : محمود فوزي
مصر ملاذ للغرباء و المضطهدين
فقد خصها الموالي عز وجل بخاصية عظيمة أخري وهي أن جعلها مستودعا لخزائن الأرض جميعا من خيرت و ثروات
مصر بلد الأمن والآمان
قال تعالى فى كتابه الحكيم:
"ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
لقد خصّ الله تعالى مصر بخاصية مهمة هي سلة الغذاء كما اتصافها بالأمن والأمان، مصداقا لقوله تعالى
(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)
ولا غرابة فى ذلك بالنظر لما لهذا البلد من دور خاص فى الدفاع عن الإسلام وتبليغ رسالته، لذلك جاءت هذه الآية لتحمل حكما وإعلانا من المولى عز وجل بأنه جلت قدرته قد كفل لمصر وأهلها الأمن والأمان على الدوام والاستمرار اطعمهم من جوع
و امانهم من خوف ومن ثم فإن مصر كانت وما زالت وستظل بعون من الله وفضله بلد الأمن والأمان ما دام لهذا الوجود من وجود، لأن قول المولى عز وجل مطلق ولا يحده زمان ولا مكان
ولا يقتصر على فترة دون سواها.
وليس ذلك الأمن والأمان قاصراً فقط على أهل مصر بل إن مصر كانت أيضاً وستظل حصن الأمن والأمان وملاذا للحماية وواحة للاستقرار، لكل من يفتقد ذلك خارجها ويطلب أن يلوذ بحماها عندما تعصف رياح الإرهاب والفزع والترويع والحروب والتقلبات والمجاعات والأوبئة بالبلاد التى حولها، مصداقا لقوله تعالى على ألسنة إخوة سيدنا يوسف:
«يا أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضر، وجئنا ببضاعة مزجاة فأوفِ لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين»
وهو ما يؤكد أن مصر كانت تتصدق بما لديها من خيرات على كل من كان يلجأ إليها من جيرانها عندما كانت تلم بهم الملمات.
وكما حدث فى الماضب ويحدث اليوم وسيحدث في المستقبل فمازالت الناس من حول مصر يلجأون إليها فرادى وجماعات كلما ضاقت بهم الدنياوافتقدوا الغذاء وايضا افتقدوا الأمن والأمان فى بلادهم وكانوا أهلاً له فيجدون مصر تفتح لهم أذرعها، تؤويهم وتنشر عليهم رداء الأمن والأمان الذى يفتقدونه خارجها وينشدونه داخلها ويصبحوا من أهلها لا فرق بينهم وبين شعب مصر وهى لا تبغى من وراء ذلك جزاء ولا شكورا.
واليوم يلجئ لمصر أكثر من 16 مليون من مختلف دول العالم الذين لم يجدوا في بلدهم الامن والامان ولا طعام وما ذلك إلا لأن الحفظ الإلهى لمصر كان ومازال فى حكم القدر الإلهى المقدور، حيث يدفع المولى عز وجل عن مصر إرادة السوء التى تراد بها من أعدائها أيا ما كان مكانها وحجمها وخطر القائمين بها.
ولقد سطر التاريخ الماضي كما سطر لنا الحاضر- ليعرف القاصي و الداني من هي مصر من هو شعب مصر .
سطر لنا في الماضي والحاضر يعيد نفسه كيف انتشرت الحروب الأهلية والنزاعات والصراعات الدموية التى تزهق فيها أرواح الملايين، وتسال فيها الدماء أنهارا فى العديد من بلدان العالم من حول مصر ليس ذلك فقط بل إن المجاعات والجفاف والفيضانات والأعاصير إلى غير ذلك من الكوارث غير الطبيعية، والتى تعكس صورا من النقم الإلهية، تعصف بالكثير من بلدان العالم، بينما ما يمر بمصر من كوارث طبيعية تمر بلطف من الله سبحانه وتعالى -مثل زلزال عام 1992- الذي مر بمصر مشمولا بلطف الله ورحمته بهذا البلد الآمن وأهله، ويكون ذلك لحكمة إلهية عظمى يدركها أهلها بعد حين، وكواقع ملموس في حياة مصر عبر تاريخها الطويل.
مصر مستودع كنوز الأرض:
فقد خصها المولى عز وجل بخاصية عظيمة أخرى، وهى أن جعلها مستودعا لخزائن الأرض جميعا من خيرات وثروات مادية ومعنوية وهذة الحقيقة توضحها آية قوله تعالى على لسان.
سيدنا يوسف عليه السلام
«اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم». ولما كانت الخزائن لا تحوى إلا كل ما هو نفيس وغالٍ، فإننا يمكن أن ندرك المعنى المراد من استخدام هذا التعبير القرآنى فى هذه الآية، والتى تعنى أن مصر تحوى كنوز الأرض كلها، بل أفضل وأغلى وأثمن هذه الكنوز.. نجدها فى أرضها وفى مائها وسمائها وفى جوها وفى أبنائها، بل وفى تاريخها العريق وحاضرها القائم ومستقبلها المشرق بإذن الله، وفي كل ما يمت لمصر بصلة. هذه حقيقة قرآنية يجب أن نؤمن بها إيمانا كاملا، لا سبيل للشك
أو الريبة فيها.
وإذا تدبّرنا هذه الآية الكريمة التي جاءت على لسان سيدنا يوسف عليه السلام عندما كان فى مصر، فسوف نجد أنه عند طلب ذلك من ملك مصر، لم يقل اجعلني على خزائن مصر، بل جاء التعبير القرآني (خزائن الأرض) وهو ما يعني ويدل على أن خزائن الأرض كلها وعلى إطلاقها متواجدة فى مصر.
وليس معنى عدم ظهور هذه الثروات والخيرات فى أى وقت أنها غير موجودة بل العكس تماما، فمن واقع هذه الآية يتضح لنا أن هذه الثروات والخيرات والكنوز موجودة، ولكن سبب عدم ظهورها يرجع إلى افتقاد الأخذ بأسباب ظهورها واستخراجها والانتفاع بها، فإذا ما توافرت هذه الأسباب، وكان فى مقدمتها أن يكون القائمون على شئون مصر حفظاء عليها عالمين بأسرارها وبقيمتها، وأمناء عليها وهو ما يعنيه الحق تبارك وتعالى بقوله (إنى حفيظ عليم) فلابد أن تظهر كل هذه الكنوز وما تحويه من خيرات وثروات كامنة فى أرض مصر لتكون فى متناول كل من يستحقها من أبنائها الخيِّرين.
وهو ما يؤكده قوله تعالى: «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض».
يؤكد هذه الحقيقة العديد من الآيات القرآنية.. منها قوله تعالى حكاية عن فرعون «ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون» فإذا حصرنا المعنى بكلمة (نهرًا) فى أنه يعنى نهر مياه
فسيتضح لنا أن الآية تتحدث عن أنهار عديدة وليس نهر النيل فقط، وهو ما أثبتته صور الأقمار الصناعية التى أُخذت لصحارى مصر الغربية والشرقية، حيث أوضحت أن هناك عددا من الأنهار تجري في باطن هذه الصحاري.
حفظ الله مصر