اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

عمرو بن العاص تاج الجوامع ومطلع الأنوار اللوامع

الصفحة الرئيسية

عمرو بن العاص تاج الجوامع ومطلع الأنوار اللوامع




كتب - د . عبد الرحيم ريحان


جامع عمرو بن العاص هو ثانى جامع أقيم فى مصر بعد جامع سادات قريش ببلبيس بمحافظة الشرقية، أنشأه بالفسطاط الصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه عام 21 هـ ، 641م بعد فتحه لمصر.



هو المسجد الوحيد الذى اشترك فى تحديد قبلته ثمانون من الصحابة ويصفه المؤرخ إبن دقماق فى كتاب الإنتصار لواسطة عقد الأمصار.



( إمام المساجد، ومقدم المعابد، قطب سماء الجوامع ومطلع الأنوار اللوامع موطن أولياء الله وحزبه، طوبى لمن حافظ على الصلوات فيه وواظب على القيام بنواحيه وتقرب منه إلى صدر المحراب وخر إليه راكعًا وأناب )



اختار عمرو بن العاص رضى الله عنه موقع بناء جامعه على الضفة الشرقية للنيل في منطقة بها أشجار كروم وتبعد نحو مائة متر جنوب حصن بابليون، وكان جامع عمرو عند إنشائه يقع مباشرة على النيل وقد أخذ مجرى النيل ينتقل تدريجيا نحو الغرب حتى صار على ماهو عليه الآن والجامع الحالى لا يشتمل على شئ من الجامع الأصلى القديم الذى بناه عمرو غير مساحة الأرض التى كان قد بنى عليها وتقع هذه المساحة فى النصف الشرقى من رواق القبلة أى على يسار الواقف فى رواق القبلة تجاه المحراب.



تخطيط الجامع

يجسّد تخطيط الجامع أقدم الطرز المعمارية لبناء المساجد وأهمها وهو المشتق من عمارة الحرم النبوى الشريف أى الطراز الذى يتألف من صحن أوسط مربع يحيط به من جوانبه الأربعة أربعة أروقة أعمقها رواق القبلة، كما استوحى عمرو فى تخطيطه بناء داره خارج من جهة الشرق ومحاذى لجداره وترك بينها وبين المسجد طريقًا يبلغ عرضه نحو أربعة أمتار أسوة بمسجد النبى صلى الله عليه وسلم وداره فى المدينة المنورة.



ومن جميل ما ذكره عبد الرحمن بن عبدالحكم فى فتوح مصر وأخبارها

 ( كتب عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنهما : أنا قد اختطنا - أى بنينا - لك داراً عند المسجد الجامع فكتب إليه عمر: أنى لرجل بالحجاز يكون له داراً بمصر ! وأمره أن يجعلها سوقاً للمسلمين وعرفت هذه الدار

 " دار البركة" 



كما بنى عمرو الى جوار الجامع حمام عرف بحمام الفأر وعن ذلك و يذكر السيوطى فى حسن المحاضرة ( اختار عمرو بن العاص الحمام الذي يقال لها حمام الفأر لأن حمامات الروم كانت كبار فلما بنى هذا الحمام ورأوا صغره قالوا : من يدخل هذا الحمام ! هذا حمام فأر )



حكاية المئذنة

نال جامع عمرو بن العاص على مر الزمان رعاية وعناية الولاة والحكام وكانت أولى العمائر على يد الوالى مسلمة بن مخلد الأنصارى والى مصر من قبل الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان سنة 53 هـ

 673م وكان سبب هذه العمارة أن المسجد ضاق بالمسلمين فشكوا إلى مسلمة فكتب مسلمة إلى الخليفة معاوية يطلب منه الإذن فى ذلك فهدم مسلمة المسجد وزاد فى مقدمته أى عند الجانب المواجه للقبلة وأضاف رحبة أمام هذا الجانب صار الناس يصيفون فيها كما زاد فى الجامع من ناحيته الشرقية  مما يلى دار عمرو بن العاص حتى ضاق الطريق بينه وبين الدار كما زود مسلمة فى هذه العمارة المسجد بمئذنة والتى صارت بعد ذلك أساسًا لظهور أحد المعالم المهمة فى تصميم المساجد ذلك أن مسلمة بن مخلد بنى فى أركان الجامع أربع صوامع ليلقى منها الآذان ونقش اسمه عليها وأمر المؤذنين أن يؤذنوا للفجر إذا مضى نصف الليل.



وذكر الكندى فى  كتاب الولاة والقضاة 

(أن مؤذنوا جامع عمرو بن العاص كانوا يؤذنون للفجر أولاً فإذا فرغوا من آذانهم أذن كل مؤذن فى مساجد الفسطاط فى وقت واحد فكان لآذانهم دوى شديد)



دار عمرو

ويشير الباحث الشهير في الآثار الإسلامية أبو العلا خليل إلى الزيادة الثانية بالمسجد على يد الوالى عبد العزيز بن مروان من قبل الخليفة الأموى عبد الملك بم مروان عام 79هـ ، 698م فزاد فى الجانب المواجه للقبلة حيث أدخل فيه الرحبة التى كان قد أضافها مسلمة بن مخلد عام 53هـ

 673م ومن الملاحظ أنه لم يستطع أن يوسع الجامع من جانبه الشمالى الشرقى لوجود دار عمرو بن العاص عند هذا الجانب وعمل الوالى عبد العزيز بن مروان على أن يوفر للمسجد وسائل الهدؤ والوقار ورتب به قراءة المصحف وكان هو أول من فعل ذلك.



وذكر ابن تغرى بردى فى النجوم الزاهرة  (ويقال أنه دخل المسجد يومًا عند طلوع الفجر فرأى فى أهله ثقل فأمر بإغلاق أبواب المسجد عليهم ثم أخذ يستطلع حالهم رجلاً رجلاً فكان يقول للرجل ألك زوجة ؟ فيقول لا فيقول زوجوه ألك خادم ؟ فيقول لا فيقول أخدموه أحججت ؟ فيقول لا فيقول أحجوه أعليك دين ؟ فيقول نعم فيقول أقضوا دينه فأقام المسجد بعد ذلك دهراً عامراً)

تصويب القبلة وإدخال المنابر

ويوضح أبو العلا خليل أن ثالث الزيادات بجامع عمرو كانت على يد الوالى قرة بن شريك من قبل الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك عام 93هـ ، 711م واستغرقت عاماً كاملاً زادت فيه مساحة الجامع حيث أدخل فيه أجزاء من دار عمرو ودار ابنه عبد الله فى الجانب الشمالى الشرقى كما وسع قليلا من ناحية القبلة وقد انتهز قرة بن شريك هذه الفرصة فصوب اتجاه القبلة وكانت منحرفة قليلا عن الاتجاه الصحيح




وفى عام 94هـ ،713م أضاف قرة بن شريك منبر خشبى لجامع عمرو وقد تبع ذلك إدخال المنابر فى قرى مصر أما الزيادة الرابعة بجامع عمرو فكانت عام 133هـ ،750م على يد القائد العباسي صالح بن على بعد سقوط الخلافة الأموية وصارت مصر بالتبعية ولاية إسلامية تابعة للخليفة العباسى ببغداد وفيها قام صالح بن على بتوسعة المسجد من الركن الشمالى الغربى وأدخل فيه دار الصحابى الجليل الزبير بن العوام بتلك الجهه وأضاف بابًا للمسجد فى جداره الشمالى عرف بباب الكحل لأنه كان يقع فى مواجهة زقاق الكحل.



ويستمر أبو العلا خليل مشيرًا إلى أن الزيادة الخامسة فى جامع عمرو بن العاص تعتبر أكبر الزيادات وآخرها وقد احدثت فى عهد والى مصر عبدالله بن طاهر من قبل الخليفه العباسى المأمون عام 212هـ 

827م حيث أضاف عبدالله بن طاهر مساحة جديدة إلى المسجد من ناحية الجنوب تعادل المساحة التى كان عليها وأصبحت مساحة المسجد على ماهو عليه الآن 120م طول ، 112م عرض.



وفى صحن جامع عمرو بن العاص بنى أسامه بن زيد التنوخى متولى الخراج 

أى الضرائب - بمصر سنه 97هـ وفى خلافه سليمان بن عبد الملك بناء ذو قبة عرف ببيت المال ليحفظ به مال الدولة كما تودع به أموال اليتامى حفظًا لها من الضياع.

google-playkhamsatmostaqltradent