اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

أبو الحجاج مسجد يحتضن ثلاث حضارات بالأقصر

أبو الحجاج مسجد يحتضن ثلاث حضارات بالأقصر





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


نزور اليوم مسجد أبو الحجاج بالأقصر الذى يحتضن الحضارة المصرية القديمة والحضارة المسيحية والحضارة الإسلامية، فهو يجسّد تعانق الأديان والحضارات، كما أنه يبعث برسالة سلام للعالم كله من أرض الكنانة «مصر» ، حيث تجد الكنيسة والمسجد والمعبد يجمعهم مكان واحد وهو ما يندر أن تجده فى أى مكان فى العالم.



بهذه الكلمات يجذبنا الرّحالة المهندس فاروق شرف استشارى وخبير الترميم والمنشآت التاريخية لتفقد معالم مسجد أبو الحجاج الأقصرى.





ويشير المهندس فاروق شرف إلى أن المسجد يحتوي على الكثير من مظاهر الحضارة المصرية القديمة من أعمدة وتماثيل ونقوش ورسومات، ولا تزال حية على جدرانه، بالإضافة بقايا كنيسة قبطية قديمة ويرتفع المسجد فوق سطح أرض المعبد بأكثر من 10عشرة أمتار.



يعود تاريخ بنائه إلى عام 658 هـ، الموافق 1286 م  أي مضى على بنائه أكثر من ثمانية قرون، وتحول إلى قيمة تاريخية وأثرية، وينجذب إليه السياح من كل مكان، ويوجد بساحة معبد الأقصر على نسق المساجد الفاطمية القديمة.





المسجد ساحة مربعة الشكل، مغطاة بقبو ومدخله الرئيسي يقع بالجهة الغربية جرت له عمارات كثيرة في العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية والحديثة، وهو مشيد على الجهة الشمالية الشرقية لمعبد الأقصر.



يبلغ ارتفاع مدخله 12 مترًا، ويخلو من الزخارف الهندسية المعروفة في العمارة الإسلامية، ويعلوه شريط من الشرفات المبنية بالطوب الأحمر .. و أهم ما يميزه عن بقية المساجد احتواؤه على ‏أعمدة‏ ‏وأعتاب‏ ‏ونقوش‏ مشابهة لمعبد الأقصر، وتم اكتشافها بالصدفة بعد تعرض المسجد لحريق، واكتشف العاملون بالترميم وجود أعمدة أثرية مصرية قديمة مطمورة بالمسجد، وتبين أنها جزء من معبد ضخم يغطيه تل من التراب والطمي.





مئذنة المسجد الأثرية من أعرق وأشهر المآذن بمصر

وتعود إلى عصر أبوالحجاج، وتتكون من ثلاث طبقات

 الأولى مربعة الشكل، والثانية والثالثة على شكل أسطواني، وفي النهاية مجموعة من النوافذ والفتحات، وهي مبنية بالطوب اللبن، والجزء الأسفل المربع مقوى بأعمدة خشبية، ويبلغ ارتفاعها نحو 14 مترًا كما يوجد مأذنة أخري حديثة .



من هو أبو الحجاج الأقصري

ينوه المهندس فاروق شرف إلى أن العارف بالله الصوفي ( يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الذاهد) نزح من المغرب لنشر الدعوة الإسلامية فى مصر، ويقال أن له قصة مع سيدة الأقصر حيث كانت تعيش فى هذه المنطقة سيدة قبطية راهبة تدعى

 ( تريزة بنت القمص ) وهى أميرة الأقصر .. وقد أقام  أبو الحجاج فى خيمة بجوار هذه السيدة وانشغل بالتقوى والورع و تعليم أهالى الأقصر العلم الدينى حتى اشتهر بحسن خلقه وتعرفت عليه سيدة الأقصر وسمحت له ببناء المسجد بجوار الكنيسة على ربوة عالية وسط معبد الأقصر، وهو المسجد الذى اعتكف فيه ودفن بضريحه القائم بالمسجد بعد أن توفى عام 642 هـ، عن عمر ناهز التسعين عامًا وذلك فى عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب، ولأبى الحجاج الأقصرى مكانى كبيرة لدى أهالى الأقصر.





أشرف المهندس فاروق شرف على أعمال الترميم والتدعيم للمسجد من قبل المجلس الأعلى للآثار وذلك بعد الحريق المدمر والذى أتى على بعض العناصر المكونة للمسجد داخليًا وخارجيًا، وشملت أعمال الترميم والتدعيم العمارة الجديدة وتوسعة ساحة الصلاة وتدعيم القبة، وتغيير الأسقف، وكان ذلك في يونيو 2007، وأثناء ذلك الترميم كُشف عن جدران المعبد التي كانت مطلية بدهانات تغطى معالم الأثر، وعند إزالتها ظهرت أعمدة وأعتاب عليها كتابات مصرية قديمة ترجع إلى عصر رمسيس الثاني، وكأن النار جائت لتكون في تلك المرة مصدر بناء لا هدم، ومصدر إظهار للجمال لا لطمس الهوية كعادتها، لتظهر تاريخًا يختبىء أسفل طلاء كنز أثري بمدينة الأقصر الخالدة.



وهذا ليس بغريب فى أى حضارة، فقد شاهدت بنفسى كنائس يونانية بمدينة أوليمبيا باليونان، وهي مدينة وموقع يضم آثارًا إغريقية في أقصى جنوب اليونان وهذه المدينة ظهرت بها الألعاب الأوليمبية عام 776ق.م عندما عقدت أول دورة أولمبية، ووسط الآثار المصرية القديمة بنيت كنيسة ومسجد أبى الحجاج.



وتمت أعمال الترميم من خلال إحدى الشركات الكبيرة للمقاولات وكان ذلك سنة 2009م وقد تزامن مع تطوير الساحة أمام أبو الحجاج والمقابلة لشارع المحطة والتى كانت تحت إشراف اللواء سمير فرج رئيس مجلس مدينة الأقصر آنذاك.

google-playkhamsatmostaqltradent