اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الدكتور حسن محمد نور عالم الآثار يكشف عن حقيقة الدولة الريانية المزيفة

الدكتور حسن محمد نور عالم الآثار يكشف عن حقيقة الدولة الريانية المزيفة





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


كشف عالم الآثار المصري الدكتور حسن محمد نور أستاذ الآثار الاسلامية بكلية الآثار جامعة سوهاج عن حقيقة دولة مزيفة تحاول أن تصنع لها تاريخًا بين الشعوب من خلال دراسة علمية لتسع قطع من نقود الدولة الريانية المزعومة فى بحث تحت عنوان "نقود الدولة الريانية المزيفة" المنشور فى مجلة كلية الآثار- جامعة الأقصر العدد الخامس الصادر فى ديسمبر 2022





يؤكد أن الدولة الريانية هى دولة مزعومة تدعى بأنها حكمت نيف وقرنين وربع القرن من الزمان في الفترة

 ( 1079-1314هـ / 1668-1896م )

 في نطاق جغرافي يمتد من إرتريا شمالا حتى ليسوتو وجنوب افريقية جنوبًا، ومن الصومال شرقًا الى أوغندة غربًا، وهذه النقود تحمل أسماء ملوك الدولة الريانية وتواريخ ضربها ومدن ضربها وكشفت مضامينها عن أمور سياسية ودينية ومذهبية كثيرة تخص علاقات الدولة الريانية برعاياها وبجيرانها الأحباش والمصريين والعثمانيين وغيرهم

وكلها مضامين مزيفة غير موجودة على أرض الواقع لعدم وجود هذه الدولة في مصادر التاريخ ولا في كتب الرحالة ولا في الوثائق والكتابات التاريخية ولا بين الممالك الحاكمة في التاريخ الاسلامي والدراسة مزودة بسبع عشرة لوحة ملونة .



وأوضح الدكتور حسن نور أن هناك أربعين مخطوطًا مزيفة عن الدولة الريانية (1079 – 1314هـ/1668 – 1896م) ويدّعي أحد الأشخاص أنها كانت في ملكيته الخاصة وأنه من أحفاد سلالة الدولة المذكورة، وأنه قام بطباعتها تمهيدًا لتحقيقها ونشرها، فهي لم تحقق ولم تنشر حتى الآن، منها مخطوط منارات الطريق المحرر عام 1113هـ/1701م

 كتبه مؤسس الدولة الملك ريان بن عبد الله ومخطوط أخبار الملوك، المؤرخ بعام 1320هـ/1902م، كتبه الملك السابع والأخير من ملوك هذه الدولة وهو الملك عبد المحسن بن عبد الله ومخطوط الأمجاد المحفورة والأسماء المشهورة لنساء تاجورة، كتبته مانا سيتي حبيب جمال الدين عام 1337هـ/1918م

 وهي إحدى أميرات البيت الرياني المزعوم وغير ذلك كثير.






وأضاف الدكتور حسن نور أن تلك المجموعة الخاصة أيضًا تضم عددًا من الأسلحة البيضاء والنارية تتمثل في عدد من السيوف والخوذات والدروع والزرد والطبنجات وحوافظ الأسلحة وكلها تحمل نقوشًا كتابية وتواريخ وأسماء ملوك الدولة الريانية، فضلًا عن شاهد قبر المؤسس وعلم الدولة الريانية، وبعض اللوحات الزيتية المستقلة كصور شخصية نصفية لملوك الدولة الريانية.



ويدّعى صاحب صفحة " الأيدلوجية الريانية " امتلاكه لعدد من نقود الدولة الريانية، فطلب منه الدكتور حسن نور أن يكون له سبق نشرها لأول مرة على أن يزوده بمقاس وقطر وسمك كل عملة  ووزنها ومادتها الخام وعيارها، خاصة وأن له دراسة منشورة من قبل عن طرق الكشف عن عيار النقود الاسلامية فلم يقابله وأفاده بأنه سلمها لوزارة الآثار المصرية واكتفى بثلاث مكالمات تلفونية بينهم، ومن هذا المنطلق قرر الدكتور حسن نور عرضها كما وردت بصفحته على الفيس بوك " الأيدلوجية الريانية " ويكشف لزملائه في التخصص حقيقة زيفها.





وينوه الدكتور حسن نور إلى نماذج من هذه النقود عملة فئة عشر بارات، من عهد الملك المظفر ريان بن عبد الله، ضربت فى تاجورة 1109هـ، ووردت معلومات عن الملك ريان في بضع مخطوطات مزيفة أحدها يحمل عنوان " تدمير الحضارة والدولة الريانية  كتبه في عام 1896م "هربرت كتشنر " وزير الحرب البريطاني (1267 – 1335هـ/1850 – 1916م) تزعم أن الملك ريان ولد في مدينة برديس بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، وبعد تأسيس دولته جعل مدينة تاجوراء عاصمة لها، وفيها شيد قصره ثم توفي عام 1113هـ/1701م، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن على بن أبي طالب وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما.



والبارة بالباء المثلثة معرب بارة بالفارسية ومعناها قطعة، والجمع بارات، اقتبسها العرب من الترك ولم يقتبسوها من الفرس

وتعرف بالمصرية، وكان كل عشر بارات تساوي قرشًا صاغًا. ثم صارت كل أربعين بارة تساوي قرشًا واحدًا  والقرش جزء واحد من مائة جزء من الليرة العثمانية التي أحدثها السلطان عبد المجيد 

(1255 – 1278هـ/1839 – 1861م)

 هذا النقد من النحاس كان يضرب في إستانبول ومصر وظل متداولًا في البلاد العربية حتى آخر زمن العثمانيين، كذلك كان يطلق على نقد إيراني نحاسي مكتوب عليه (50 دينار) ويسمى هذا النقد "شاهية" 

نسبة إلى شاه إيران.





وعملة فئة خمسون دينارًا ، مؤرخة بعام 1110هـ (1698م) وهذه العملة نحاسية وليست ذهبية وهي من فئة الدينار، والدينار قطعة من الذهب وزنه مثقال وهو رومي تداولته العرب في الجاهلية والاسلام ووزنه الشرعي الاسلامي  4،265من الغرامات ويساوي عشرين درهمًا من الدراهم النقد الشرعية الخالصة، وعملة فئة عشرون بارة من عهد الملك ريان بن عبد الله، مؤرخة بعام 1698م (1110هـ)



ويتابع الدكتور حسن نور بأن المخطوطات المزيفة تدّعى أن الملك ريان انتصر على إمبراطور الحبشة يوهانس الأول في معركة هرر عام 1036هـ /1626م 

وأن الملك جعفر الرياني انتصر في معركة الجبل على ثيوفيلوس إمبراطور الحبشة عام1121هـ / 1709م ، وهو ما لم يحدث على أرض الواقع ولم يرد ذكره في أي مرجع أو مصدر تاريخي كما تزعم مخطوطاتهم المزيفة أن الملك ريان قام بفصل الكنيسة الارثوذكسية الريانية عن الكنيسة الحبشية وأسس كنيسة مستقلة اختار أعضاء مجمعها البابا كيرلس أول بطريرك لها .



وهناك عملة فئة عشرون بارة من عهد الملك ريان بن عبد الله، عليها كتابات بارزة باللغة العربية بخط الثلث كتب عليها "ميعو أولين سلطان بيتا إسرائيل ضرب في وناتش"



وتزعم نصوص هذه العملة وجود ملك لليهود يسمي ميعو أولين وهو ما لم يعثر  له على ذكر في مراجع التاريخ ومصادره  بل وأضافت لنا دار ضرب جديد هو مدينة وناتش بإقليم بحيرة وناتشي الذي يقع في إقليم بيتا إسرائيل في منطقة تيجراي بين أثيوبيا وإرتريا وقد استغاثوا بالملك ريان فأغاثهم، ولم يعرف قط أن يهود أثيوبيا استغاثوا بما يسمى بالملك ريان عبر تاريخهم أو أنهم كانوا تابعين لدولة أخرى خلال القرن 11هـ /17م



وتزعم مخطوطات الدولة الريانية المزيفة أن الملك ريان قام بفصل يهود الدولة الريانية عن يهود الحبشة وبنى لهم المعابد وعين زعيم ديني لليهود الريانيين بعيدًا عن الحبشة فكان أول حاخام لليهود الربانيين هو يعقوب إسكندر.



وأردف الدكتور حسن نور بأن مخطوطات الدولة الريانية المزيفة تزعم وجود رباط المصاهرة بين الدولة الريانية والدولتين العثمانية والمصرية، فالملكة خديجة خاتون زوجة السلطان الرياني حراز بن أحمد وأم السلطان أحمد الثاني الرياني هي إبنة السلطان العثماني عثمان الثالث  والملكة إنجي قادين زوجة الملك الرياني عبد الله بن أحمد الثاني هي بنت أحمد رفعت بن ابراهيم باشا بن محمد علي والي مصر.



ويوضح أن النقود المصرية كانت متداولة في أسواق السواحل الأفريقية الشرقية مع نقود أخرى حتى قبل ظهور محمد على باشا الكبير على الساحة السياسية واستيلائه على مصر والشام والجزيرة العربية وجنوب تركيا لكنه مع كل ذلك النفوذ السياسي لم يجرؤ على ضرب العملة باسمه، فظلت النقود العثمانية متداولة في مصر وهي المحبوب ونصف المحبوب مع عملات فضية ونحاسية أخرى تحمل أسماء السلاطين العثمانيين المعاصرين لحكام مصر، أما في عام 1279هـ/1862م فقد سك إصدار في أوربا بقيمة عشرين بارة يحمل اسم محمد سعيد باشا والي مصر واسم مكان الضرب مصر وشعار الدولة المصرية آنذاك وهو الهلال والنجمة وهو بهذا يعد أول إصدار نقدي يحمل اسم حاكم مصري رغم استمرار تبعية مصر للدولة العثمانية التي استمرت حتى عهد عباس حلمي الثاني إذ ضربت عملات عام 1327هـ/1909م وتحمل اسم السلطان العثماني محمد الخامس.



واختتم الدكتور حسن نور بأن غش العملة في فترات ضعف الدولة الريانية سمح بتداول عملات أخرى في الأسواق الريانية عملات أوروبية وعثمانية ومصرية وهندية وغيرها ، بينما في فترات قوتها تداولت نقودها خارج حدود الدولة الريانية في اليمن والحجاز والشام والقدس .



وإزاء كل هذه الشكوك والأكاذيب تيقن بزيف النقود الريانية لأنه بحكم تخصصه أعلم أنه إذا تكلمت النقود سكتت أمامها بقية الأدلة المادية وغير المادية الأخرى فهي الدليل الدامغ على وجود أو عدم وجود الدولة الريانية، تلك الدولة الدخيلة على الدول والممالك الاسلامية بالساحل الأفريقي الشرقي، الأمر الذي ألجأه الى كتالوجات وأطالس النقود والممالك الاسلامية المتخصصة.



ومنها كتاب المستشرق الأيرلندي "ستانلي لين بول" عام 1312هـ/1894م "الأسر الحاكمة الإسلامية ، قوائم في التاريخ والأنساب مع مقدمات تاريخية، اعتمد فيه على معلومات المسكوكات، وقام المؤرخ الروسي "وليم بارتولد" بترجمته الى الروسية وأضاف عليه كثير من الحواشي والملاحق وصوب بعض معلوماته بفضل علم المسكوكات. ثم قام العالم التركي "خليل أدهم" بترجمته من الروسية إلى التركية بعد أن أضاف عليه دولًا سقطت منه وكان الفضل في ذلك لعلم المسكوكات

ثم ترجمه إلى اللغة العربية مكي الكعبي في بغداد عام 1968م بعنوان "سلاطين الإسلام".





وعندما رجع الدكتور حسن نور  إلى الأصل وترجماته المزيدة والمنقحة لم يجد أي ذكر للدولة الريانية.



وفي عام 1387هـ/1967م نشر المستشرق البريطاني "كليفورد. أ. بوزورث" موسوعته التي تحمل عنوان "الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي، دراسة في التاريخ والأنساب" ترجمه إلى اللغة العربية الدكتور سليمان إبراهيم العسكري ونشر الطبعة الأولى في الكويت عام 1405هـ/1994م أردفها بالطبعة الثانية بمؤسسة الشراع العربي بعدها بعام واحد، وعندما رجعت للأصل والترجمة تبين لي عدم وجود الدولة الريانية في عداد الأسر الحاكمة في التاريخ الإسلامي.



وفي عام 1408هـ/1987م نشر الدكتور حسين مؤنس أطلسه المشهور الذي يحمل عنوان "أطلس تاريخ الإسلام" الزهراء للإعلام العربي، القاهرة ، ولم يرد فيه أي ذكر للدولة الريانية.



ولو كانت هذه الدولة موجودة لما سقطت من قوائم كبار المستشرقين والمستعربين المتخصصين ولما أغفلت تاجورة وجاريسا من بين قوائم دور ضرب النقود الاسلامية في القارات القديمة الثلاث وهي آسيا وأوروبا وأفريقيا. 

google-playkhamsatmostaqltradent