اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

طاقة الغضب

 طاقة الغضب










بقلم : نهلة محمد جبر


اخصائي نفسي ولايف كوتش


استكمالا لحديثنا عن الصحة النفسية نتناول في هذا المقال أشهر أنماط اضطرابات الصحة النفسية المختلفة والتي تؤثر حسب موقع منظمة الصحة العالمية على شخص واحد من كل 8 أشخاص حول العالم وسنركز على النمط الأكثر شيوعًا والذي نعتبره في بعض الأوقات سلوك مقبول وله أسبابه وهو الغضب.

يعتبرالغضب من اضطرابات الصحة النفسية التي لا نراها بعين الاهتمام أواعتبارها علة نفسية يصاب بها بعض البشربشكل مرضي، بل في أغلب الأمر نتصور أنه سلوك طاريء أو رد فعل لتصرف غير طبيعي أو غير متوقع من الأخر أو انفعال شعوري بسبب الحقد أو الغيظ أو سلوك عدواني بسبب مثيرات خارجية إما نفسية او تتعلق بالأخر، وعلى الرغم من أن الغضب شعور انساني طبيعي صحي للتعبير عن لحظة اعتلال أو انفعال طارئة إلا انه قد يأخذ منحى تدميري وسلوك غير صحي يقودنا إلى مشاكل اجتماعية وشخصية  ومهنية واضطراب في الصحة النفسية يقلل من جودة الحياة ومعناها ويؤثر على منحاها ويتسبب في تغيرات فسيولوجية وبيولوجية قد تؤدى في بعض الحالات إلى الموت مثل تسارع نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم وانفجار الشرايين والانتهاء الي السكتة الدماغية.

طاقة الغضب تتفاوت في حدتها من موقف لأخر ومن شخص لاخر تبعا للظروف والبيئة والخلفية الاجتماعية والثقافية ويتدرج الغضب من نوبات تدميرية أو القتل نزولًا إلي الصياح والانفعال الزائد عن الحد الطبيعي للاستياء أو حتى التشابك بالايدى أو تحطيم ما تصل إليه يداك، لكن تظل في جميع الأحوال طاقة الغضب من الطاقات المؤذية جدًا للنفس البشرية سواء أثرها كان على الانسان وفقط  من كتمان أو انفعال أو تعداه وصولًا لانسان أخر مشارك في الفعل أو الحدث أو متابع للموقف.

فكيف نتعامل مع طاقة الغضب سواء الطاريء منها أو الموجود بشكل دفين غير مريء بين طيات السلوك وتظهر لأتفه الأسباب؛ بداية يجب أولا أن لا نتعامل مع الحدث العام على أنه شخصي أو التصرف بحساسية كأنه يمس كبريائك إلا إذا كان يمس وجودك الانساني ومعيشتك بشكل مباشر، فيما عدا ذلك كل حالات الغضب مهما كانت أسبابها هي لحظة انفعال عابرة يجب احتوائها بالتهدئة وعدم الرد بشكل منفعل وفوري وعدم السماح للأخر باستفزازك والتحكم بك من خلال دفعك إلى تصرف لا ترجوه ولا يمثلك بل يعكس نقصه ونفسه الشريرة. أما في حال طاقات الغضب الدفينة والجاهزة دوما للطفو على السطح وترجمتها في بعض الأوقات إلى ردات انفعالية عنيفة أو سلوك مؤذي فهذا النوع من الطاقات يحتاج إلى علاج سلوكي ونفسي لفترة من الزمن حتى نتخلص من تلك الطاقة الدفينة وغالبًا ما يتلخص العلاج في تعلم كيفية التعبيرعن كل المشاعر السلبية وعدم كتمانها حتى لا تتحول إلى طاقة كبت تثور كالبركان في كل وقت، وتعلم مهارة إدارة الغضب والتي تبدأ بإدراك السبب الرئيسي أو الدفين وراء هذا الشعور وعدم السماح للقلق أو الخوف بالسيطرة عليك، وكذلك الانتباه إلى مؤشرات الدخول في حالة الغضب والتعامل معها من خلال تهدئة النفس من خلال بعض التقنيات والتي تشمل الحوار الداخلي للوصول للتهدئة، شرب المياه أو غسل الوجه والوضوء، تخصيص وقت للتنفس ببطء والاسترخاء والتي قد تصل إلى 15 دقيقة لو أمكن ذلك، العد ببطء حتى 10 أو أكثر، تغيير وضعية جسدك ومساعدة العضلات على الارتخاء للتخفيف من الشدة والاحتقان الداخلي في الجسم. 

وأخيرًا لا ننسي أن الهدي النبوي في التعامل مع الغضب هو في الحقيقة أساس كل الأساليب التي ينتهجها علماء النفس في التعامل في العصر الحديث، حيث أوصى نبي الرحمة صلوات الله عليه وسلامه الرجل  الذي أتاه وقال له اوصني قائلا: لا تغضب. وردد مرارًا، لا تغضب. وقوله: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.


google-playkhamsatmostaqltradent