recent
أخبار ساخنة

إعادة توظيف الآثار ثقافيًا "قصر الأمير بشتاك"

 إعادة توظيف الآثار ثقافيًا

 "قصر الأمير بشتاك"





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


قطعت مصر شوطًا كبيرًا فى إعادة توظيف الآثار ثقافيًا مع الحفاظ عليها وهناك أمثلة عديدة منها بيت السنارى فى السيدة زينب، وقصر الأمير بشتاك بشارع المعز لدين الله الفاطمى منطقة النحاسين وهو القصر الذى أنشىء على جزء من أرض القصر الشرقى الكبير فى العصر الفاطمى ويرجع تاريخ إنشاء قصر الأمير بشتاك إلى عام 740هـ/ 1339م



أمّا منشئ هذ القصر فهو الأمير سيف الدين بشتاك الناصرى، كان أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، ترقى في المناصب حتى وصل الى رتبة أمير، وكانت نهايته على يد الأمير قوصون منافسه الكبير الذى دبر له مكيدة للتخلص منه وذلك في أثناء حكم السلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد بن قلاوون الذى حكم سنة ( 742هـ / 1341م ) وكان بشتاك يشبه أبوسعيد ملك التتار وكان كثير البذخ والحروب، وكانت نهايته عندما قبض عليه وتم تجريده من أملاكه وسجن بمدينة الإسكندرية وتم قتله في 5 ربيع أول سنة

 ( 742هـ / 1341م ) ، وقد شيد الأمير بشتاك أثناء حياته العديد من المنشآت المعمارية لعل أهمها قصره.



ويشير الآثارى طه رجب عبد العزيز أحمد عضو مبادرة حراس التراث والحضارة ببني سويف إلى أن قصر الأمير بشتاك يحتفظ ببعض أجزائه التي تدل على ما كان عليه المبنى من فخامة وجمال، ومن هذه الأجزاء، الواجهة الغربية التي تطل على شارع المعز لدين الله الفاطمى والواجهة الشمالية التي تطل على درب قرمز ويقع المدخل الحالي للقصر في الواجهة الشمالية، وهو يتكون من عقد ثلاثي الفصوص أمّا المدخل الأصلي للقصر فهو مسدود حاليًا.



يتكون القصرمن طابقين، الأرضي به اسطبلات وغرف للخدم والطابق الثاني يحتوي علي قاعة للاحتفالات وغرف النوم وكان هناك طابق ثالث لكنه تهدم، ويحتفظ القصر أيضًا ببعض أجزاء من طوابقه الأول والثاني والثالث وقد استغل المعمار موقع القصر على شارع المعز لدين الله، فجعل أسفله حوانيت.



ويوجد في الطابق الثاني من القصر القاعة الرئيسية التي تتكون من درقاعة يحيط بها من جهاتها الأربعة إيوانات، ويعلو الدرقاعة سقف خشبي مزخرف بوحدات هندسية جميلة، ويتدلى من أركانها الأربعة ثلاثة صفوف من المقرنصات الخشبية كما يتوسط الدرقاعة فسقية من الرخام الملون تلطف من درجة الحرارة في القاعة

 وتوجد في الطابق الثالث من القصر مجموعة من الحجرات التي كانت تمثل الحرملك حيث كانت تقيم النساء وتطل هذه الحجرات على القاعة الرئيسية في الطابق الثاني عن طريق ما يعرف بالأغاني، وهي تتكون من شرفة ذات عقود مدببة مزخرفة تحوي بداخلها مشربيات من الخشب الخرط تتخللها شبابيك صغيرة وتعكس تلك الأغاني حياة الترف لدى أصحاب هذا القصر.



وكانت نساء القصر يجلسن خلف المشربيات لمشاهدة جلسات الطرب التي كانت تقام في الدرقاعة في الطابق الأسفل وكان يحضرها الرجال.



ويلاحظ أن المواد المستخدمة في إنشاء هذا القصر روعي فيها ملاءمتها للبيئة وجو القاهرة الحار فكانت الأحجار هي مادة البناء الرئيسية، حيث توفر عزلًا حراريًا كذلك استخدم الرخام في الأرضيات وفي تكسية الجدران الداخلية، وزوِّدت القاعة بفسقية تتوسط الدرقاعة كما استخدمت المشربيات التي وفرت الخصوصية وساعدت على كسر حدة ضوء الشمس وتلطيف الهواء الداخل للمبنى.



ويضيف الآثارى طه رجب عبد العزيز أحمد أن القصر تأثر بشدة جرّاء زلزال1992 وقام المعهد الألماني للآثار بالاشتراك مع المجلس الأعلي للآثار بترميمه، وتم تخصيص القصر من قبل وزارة الثقافة بالقرار رقم 510 لعام2009، ليكون مقرًا لبيت الغناء العربي وبذلك تحول لمركز إبداع فني وهو يتبع صندوق التنمية الثقافية.



وعانى قصر الأمير بشتاك سنوات طويلة من الإهمال وعدم إجراءات أعمال صيانة أو ترميم له وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين إلى أن تدخل مشروع تطوير القاهرة التاريخية بمشروع ترميم شامل للقصر بداية من عام 2003 وانتهى فى عام 2007 بتكلفة حوالي 6 مليون جنيه، وشمل مشروع الترميم علاج الشروخ بالواجهات الخارجية والداخلية للقصر وعلاج الأساسات بالكشف عنها وتغيير التالف من الأحجار وتدعيم الأساسات وتهوية الفراغات الداخلية لمنع تكثف بخار الماء على الحوائط وإزالة البياض المستحدث وإعادة البياض بمونة تماثل المونة الأصلية والكشف عن الأسقف الخشبية الإنشائية بالقصر وعلاج التالف منها وأعمال الترميم الدقيق للأسقف الخشبية المزخرفة وعلاج طبقات الألوان وإظهارها وترميم ومعالجة الأخشاب الغير مزخرفة مثل الأبواب والشبابيك وإزالة طبقات الدهانات المستخدمة وإعادتها لأصلها الأثرى.



كما تم ترميم وعلاج طبقات البياض الأثرى وتثبيتها وتنظيفها وتقويتها وترميم وعلاج العناصر الرخامية مثل الفسقية بالقاعة الكبرى والأعمدة الرخامية وترميم وعلاج الشبابيك الجصية بالقصر وإعادتها إلى أصلها الأثرى وترميم و علاج الشبابيك المعدنية المختلفة بالقصر ومعالجات الواجهات الخارجية سواءً من الأحجار 

أو الطوب الآجر.



وتم وضع رؤية فنية لهذا المركز تتعلق بأنشطة بيت الغناء العربي، تستهدف تقديم أصوات غنائية جديدة وعازفين مهرة بهدف مواجهة موجات الغناء الهابط وحفاظًا على تاريخ الغناء العربي، ليكون حاضرًا في أذهان الأجيال القادمة، ويقدم بيت الغناء العربي أصواتًا جديدة وعازفين على قدر عالٍ من المهارة والاحتراف يصدحون بكنوز الموسيقى العربية ويكملون مسيرة عمالقة هذا الفن الذين أثروا الوجدان العربي بأعمالهم التي لا تزال تتميز بالعمق والتفرد.


google-playkhamsatmostaqltradentX