اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الزلازل والآثار وجهود الدولة فى الترميم والصيانة

 الزلازل والآثار وجهود الدولة فى الترميم والصيانة





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


شهدت مصر زلازل عبر تاريخها القديم والحديث أثرت على الآثار فى مصر عبر العصور وحتى الآن أشهرها تدمير معبد أمنحتب الثالث الأسرة 18 في الضفة الغربية لنهر النيل بعد وقت قصير من بنائه بواسطة زلزال عام 1200 قبل الميلاد ولم يتبق سوى التمثالين العملاقين عند المدخل وهما تمثالى ممنون ثم دمرا بشكل أكبر بسبب الزلزال الذي وقع عام 27 قبل الميلاد.



والتمثالان التوأم يمثلا أمنحتب الثالث في وضعية الجلوس صنعتا من كتل من الحجر الرملي المرصع بالكريستاليت والتي تم استخراجها من الجبل الأحمر وتم نقلهما على بعد 675 كم من البر إلى الأقصر بعد زلزال 27 قبل الميلاد وأعاد المهندسون الرومانيون بناء التمثال الشمالي بعد انهياره فى الزلزال من الخصر لأعلى وتكسير النصف السفلي. وتمت إضافة خمس كتل من الحجر الرملي إلى الكتلة اللاحقة لاستعادتها يصل التمثال إلى ارتفاع 18 م ويبلغ وزنه 720 طن لكل منهما ولا يزال التمثال الجنوبي يضم قطعة واحدة من الحجر.






وبعد أن تعرّض التمثال الشمالى للزلزال أخذ يصدر أصواتًا غريبة في الصباح غير أنّه بعد عمليّات الترميم التي أجريت على التمثال في الفترة الممتدة بين 193 - 212 بعد الميلاد توقفت الأصوات الصادرة من التمثال بشكل نهائي.



وقد سجل المؤرخون ومنهم استرابون تأثير زلزال عام 27 قبل الميلاد على الآثار المصرية القديمة وتدميره للعديد من المعابد، وهناك عدد من الزلازل حدثت في منطقة دهشور أدت إلي تهشم الأهرامات الصغيرة.



ومن خلال قراءة فى كتاب "ايمانويلا" نكشف عن تعرّض مصر للتسونامى بدءًا من القرن الـ١١ وحتى القرن الـ ١٥م، وقد تعرضت الاسكندرية للتسونامى عام 1303م ووفقًا لشهادة أحد الأهالى الذى تواجد فى مخطوطة بالكتاب فقد وصف أن البحر انفلق نصفين وشاهد قاع البحر وقد أثّر على آثارها بالطبع وحدوث التسونامى يلزمه حدوث زلازل كبيرة والتسونامى هى موجات مد بحرى تدميرية وهى كلمة يابانية الأصل لأن اليابان أكثر الدول التى تتعرض للتسونامى.





كما تعرّض دير سانت كاترين بسيناء لزلزال عام 1312م مما أدى لسقوط جدرانه الشرقية والغربية وبقى الركن الجنوبى الغربى سليمًا عبر قرون وتم ترميم الجزء الشمالى الشرقى بعد الزلزال وفى عام 1798م تهدم جزء آخر من البرج نتيجة سيول شديدة وقام كليبر الذى أرسله نابليون عام 1801م بترميم البرج وفى هذا الترميم تم كساء البرج من الخارج بكسوة خارجية غيرت من شكل البرج الذى كان فى الأصل برجًا مربعًا. مرة أخرى ودعّم القائد الفرنسى كليبر الدير بأبراج عام 1801م



ومن أقوى الزلازل التى تعرضت لها مصر حديثًا هو زلزال  12 أكتوبر 1992 الساعة الثالثة و9 دقائق عصرًا وكان مركزه السطحي بالقرب من دهشور على بعد 35كم جنوب غرب القاهرة، واستمر لمدة نصف دقيقة بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر ولكنه كان مدمرًا بشكل غير عادي بالنسبة لحجمه، وقد تسبب في وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 آخرين لحجم الذعر الناجم عن الزلزال في القاهرة نفسها وشرد نحو 50000 شخص إذ أصبحوا بلا مأوى، كما شهدت مصر عدة توابع لهذا الزلزال استمرت على مدار الأربعة أيام التالية وكان هذا الحدث هو الأكثر تدميرًا من حيث الزلازل التي أثرت في القاهرة منذ عام 1847.



وقد أحدث ضررًا كبيرًا بالآثار خاصة القاهرة التاريخية المسجلة كتراث عالمى منذ عام 1979، والتى تقع في ثلاث نطاقات هي منطقة القلعة وابن طولون الجمالية والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودى

وتضرر 210 أثر من أصل 560 أثر وسقطت كتلة كبيرة من الهرم الأكبر في الجيزة، وبدأت الدولة مشروع ترميم هذه الآثار منذ عام 1998 والذى تم على أربعة مراحل، وتم ترميم العديد من الآثار المتضررة ومنها منطقة النحاسين وتتضمن مدرسة السلطان برقوق ومدرسة الناصر محمد وقاعة محيي الدين أبو الصفا وحمام السلطان اينال، كذلك متحف النسيج الإسلامي ومنها ترميم 20 مسجدًا أثريًا مثل مسجد السلحدار ومدرسة ومسجد برقوق والناصر برسباي والقاضي يحيى زين الدين وأم الغلام بتكلفة 200 مليون جنيه، وتم ترميم 33 أثرًا بشارع المعز لدين الله الفاطمى الشارع الأثرى الوحيد في العالم الذي يضم أقدم وأجمل آثار إسلامية على جانبيه ويبدأ من باب زويلة حتى باب الفتوح بطول 1200 متر، وهو شارع يمثل قلب مدينة القاهرة القديمة، ويضم شارع الخيامية والمغربلين وباب النصر.





كما يمتد إلى شارع الجمالية من ناحية الشرق ويتقاطع عرضيًا مع شارع جوهر القائد وشارع الأزهر، إضافة إلى ترميم الأسبلة بشارع المعز لدين الله لكي تساهم في الارتقاء الاجتماعي بسكان الشارع، مثل أسبلة محمد على بالنحاسين وسبيل السلحدار وسبيل عبدالرحمن كتخدا وسبيل المظهر وسبيل حسين الشعيبي وسبيل نفيسة البيضاء وتقرر تحويل سبيل محمد على بالنحاسين إلى متحف للنسيج الإسلامي مع مراعاة عدم إدخال أية تعديلات على ملامح المبنى من الداخل 

أو الخارج أو بنقوشه وزخارفه.



وتبنت الدولة تطوير منطقة الدرب الأحمر بعد زلزال عام 1992، وقد قامت منظمة الأغاخان بدراسة 625 قطعة أرض ومبنى للوقوف على الإصلاحات المطلوبة وتم إعلان حى الدرب الأحمر حى ترميم خاضع لأحكام تخطيطية خاصة وتقديم حوافز للسكان ورفع كفاءة الساحات العامة والبنية الأساسية وحشد الجهود لتحسينات المنازل وتم ذلك بمساعدة المساهمين وخلق فرص عمل وتسهيلات وتدريب في الحى وتدريب أصحاب الورش.



وانتهى المجلس الأعلى للآثار مؤخرًا من إعداد وتجهيز مسار سياحي جديد لزائري منطقة آثار الدرب الأحمر من المصريين والسائحين والتى تضم مجموعة من المباني الأثرية منها قبة الأمير طرباي الشريفي، والمجموعة المعمارية للأمير خاير بك، والجامع الأزرق، ومدرسة أم السلطان شعبان وقصبة رضوان، وبيت الرزاز، والسور الأيوبي الشرقي بداخل حديقة الأزهر، وجامع قجماس الإسحاقي

 ومسجد الصالح طلائع، وزاوية فرج بن برقو.



ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى تمت مشاريع ترميم وتطوير كبرى بالقاهرة التاريخية شمل مشروع لتخفيض منسوب المياه الجوفية بالفسطاط وتطوير المساكن المطلة على متحف الحضارة ومسح شامل للمنطقة الداخلية للفسطاط وافتتاح مشروع تطوير الجمالية بتكلفة 50 مليون جنيه وهي منطقة الأديب نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل في الأدب ويجرى حاليًا خطة لتطوير سور مجرى العيون تشمل مسار حدائقى من ميدان أبو الريش وحتى سور مجرى العيون، إضافة إلى إنشاء حديقة سور مجرى العيون الحضرية بشكل عالمى وتوفير موقع للصناعات الحرفية وتوفير خدمات مختلفة للزوار وإنشاء منطقة خضراء يتخللها مسار مشاة رئيسى يتجه من الشمال إلى الجنوب وتطوير المبانى حولها وعمل واجهات بلون واحد لها، وخلق منطقة تجارية وعامة وتحسين البيئة العامة والصحية لسكان المنطقة وتطوير شبكة البنية الأساسية وتأسيس مجتمع عمرانى بأنشطة غير ملوثة للبيئة سيجعل من المنطقة مزار عالمى بمقاييس اليونسكو.



وتمت الافتتاحات للعديد من مشاريع ترميم وتطوير للآثار الإسلامية، ومنها افتتاح مشروع ترميم مسجد وقبة ضريح الإمام الشافعي بالتعاون مع وزارة الأوقاف والسفارة الأمريكية وترميم قبة قانصوة أبو سعيد بالتعاون مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وافتتاح وكالة الجداوي الأثرية بالأقصر بعد الانتهاء من ترميمها بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وافتتاح مجموعة من الآثار الإسلامية هي «سبيل الأمير شيخو، ضريح الشرفا، سبيل رقية دودو، سبيل مصطفى سنان، واجهة حمام بشتاك، سبيل حسن أغا كوكليان وأعطت زيارة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى لأهم وأشهر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم وهو شارع المعز لدين الله في مارس 2021 دفعة قوية لمشروع قومى كبير لتطوير القاهرة التاريخية.

google-playkhamsatmostaqltradent