الدفاع عن الحضارة تكشف عن سوء حالة معبد آمون بسيوة وتعديات وإهمال مومياوات
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
سيوة لها تاريخ عريق وقد حصل منها الإسكندر الأكبر على شهادة دخوله إلى قلوب المصريين بعد زيارته الشهيرة لمعبد آمون عام 332 قبل الميلاد ومن المحتمل أن يكون بناء معبد آمون فى الأسرة الحادية والعشرون
من 1085 إلي 950 ق. م
حيث كانت قوة كهنة آمون ونبوءاته تؤدى دورًا بارزًا فى الديانة وقد قام كبار كهنة المعبد بتحية الإسكندر على أنه ابن آمون.
وكانت رحلة الإسكندر سببًا فى زيادة شهرة واحة سيوه وبنيت المبانى باسمه فى حياته ثم بنى البطالمة المبانى إحياءً لذلك، وقد كشفت وزارة السياحة والآثار بها بعض المقابر المنحوته فى جبل الموتى التى تعود إلى بداية عصر البطالمة وبعض العملات وجزء من لوحة هادريان والمحفوظة بالمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية واستمرت سيوة فى عبادة آمون حتى القرن السادس الميلادى.
معبد آمون
يعد معبد آمون بسيوة أو معبد التنبؤات المعروف بـ معبد وحي آمون أو معبد الوحي من أشهر المعابد حيث أنه يرتبط بتنبؤات الإله آمون وزيارة الاسكندر الأكبر ورواية اختفاء جيش قمبيز، يبعد حوالي 300 كيلو متر عن ساحل البحر المتوسط جنوب غرب محافظة مطروح فوق هضبة الإرغومي التي ترتفع 30 مترًا عن سطح الأرض حيث يمكن للزائر أن يستمتع ببانوراما للواحة كاملة بجبالها ومنازلها ومزارع النخيل التي تتميز بها من الطابق الثاني للمعبد.
يتكون المعبد من ثلاثة أجزاء: المعبد الرئيسي، وقصر الحاكم، وجناح الحراس، وبه ملحقات أيضًا مثل البئر المقدسة التي كانت تستخدم في الاغتسال والتطهير، وتأتي أهمية المعبد كونه مهبط وحي الإله أمون بحسب معتقد المصري القديم لهذا كان مقصدًا للناس في عصر مصر القديمة للاستشارة في الأمور التي يرغبون في التنبؤ عنها.
يرجع معبد التنبؤات إلى بداية العصر المتأخر الأسرة السادسة والعشرون، وتشير النقوش الموجودة في منطقة قدس الأقداس أنه أنشيء في عهد الملك أحمس الثاني وهو من أهم ملوك الأسرة السادسة والعشرون، يشهد معبد آمون ظاهرة فلكية تسمي الاعتدال الربيعي حيث تتعامد الشمس على المعبد مرتين كل عام أثناء الاعتدال الربيعي والاعتدال الخريفي ويتساوى الليل والنهار بعد 90 يومًا من أقصر نهار في العام، وبعده بتسعين يومًا يقع أطول نهار في العام.
ويشير النحات العالمى وخبير الترميم ومشرف عام حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بجنوب الصعيد مجدى الحريجى بالصور إلى تآكل أحجار معبد آمون بسيوة بسبب الإهمال واستخدام طوب ملحى فى الترميم من بيئة سيوة واستخدام أعتاب من خشب الزيتون والحصر والروبة الملحية وهو ما لايصلح مع الأثر المبنى بالأحجار الرملية مما أدى إلى سوء حالة المعبد المعمارية والفنية الذى ينهار ببطىء
وتطالب الحملة بإنقاذ معبد آمون كما يرى النحات العالمى مجدى الحريجى بجلب أحجار رملية لترميمه من الواحات
أو أسوان.
كما تضم سيوة جبل الموتى الذى يقع على بعد2 كيلو متر منها وتم اكتشافه عن طريق الصدفة عام1944 أثناء الحرب العالمية الثانية عندما لجأ أهالي سيوه للاحتماء بالجبل فاكتشفوا المقابر به، وهو عبارة عن جبل مخروطي الشكل يبلغ ارتفاعه50 م ويتكون من تربة جيرية، ويعد بمثابة جبانة أثرية، فمن أسفله إلي أعلاه عبارة عن مقابر للموتي منحوتة على شكل خلية نحل من الحجرعلى هيئة صفوف منتظمة ومتتالية بشكل هندسي يشبه شكل الواحة القديمة.
يرجع تاريخ هذه الجبانة الأثرية إلي الأسرة السادسة والعشرون ويمتد إلى العصر البطلمي والروماني، وتجمع هذه المقابر في تصميمها بين الفن المصري القديم والفن اليوناني ونشأ هذا الاندماج نتيجة اختلاط الثقافات، بعض هذه المقابر توجد علي عمق كبير وكل مقبرة عبارة عن دهليز بشكل مستطيل ينتهي إلي فناء واسع مربع وهذا الفناء يتفرع منه مجموعة فتحات مخصصة لوضع الموتي.
وعن جبل الموتى ينوه النحات العالمى وخبير الترميم مجدى الحريجى إلى تعرض هذه المقابر إلى الإهمال الشديد مما يؤدى إلى سهولة سرقتها لعدم دراستها الدراسة الوافية وتسجيلها وتوثيقها ويتساءل خبير الترميم هلى هناك حصر وتسجيل وتوثيق ودراسة لهذه المقابر من وقت اكتشافها وحتى الآن؟ وكيف يتم تأمينها الآن؟
وتطالب الحملة المجلس الأعلى للآثار بنشر التقارير العلمية الموثقة وإحصاء وتسجيل عددها وقت الاكتشاف والمتابعة لحالتها الفنية بصفة مستمرة لمعرفة ما سرق منها أو تهالك أو ساءت حالته الفنية وتقارير عن طرق تأمين جبل الموتى حاليًا.
ونستكمل جولتنا بالصور فى سيوة التى عرفت باسم "سيوة بنتا" وقد عثر عليه فى أحد النصوص المدونة بمعبد إدفو ثم أطلق عليها واحة آمون نسبة إلى معبد آمون واستمر ذلك ثم أطلق عليها واحة جوبيتر نسبة إلى كبير الآلهة الرومانية، ودخلت المسيحية سيوة فى القرن الرابع الميلادى ورغم ذلك لم يعثر بها على آثار مسيحية سوى بقايا كنيسة بالطوب اللبن.
وفى العصر الإسلامى تحدث المؤرخون عن بلدة سنترية بسيوة على أنها بلد صغير يسكنها البربر يعرفون سيوة ولغتهم سيوية وبها حدائق ونخيل وأشجار الزيتون ولها عشرون عينًا ماؤها عذبًا، وأن إسم شالى تعنى المدينة فى اللغة السيوية.
ومن المرجح أن يكون دخول الإسلام إلى سيوة قبل نهاية القرن الأول الهجرى، وفى العصر الإسلامى ذكرها المؤرخ الشهير المقريزى بأن سكانها كانوا جماعة من البربر تسمى السيوى وهم يتكلمون بالسيوية ومنذ ذلك الوقت تسمى سيوى ثم سيوة أمّا مدينة سيوة الحالية فيرجع تأسيسها إلى عام 600هـ، 1203م .
تضم آثار سيوة عمارة مدنية تتمثل فى أطلال مدينة شالى بقلب المدينة قرب المركز التجارى وتبقى منها بعض المنازل والحوانيت والخص "مقعد الأجواد" بشالى الغربية أمّا شالى الشرقية فلم يتبق منها سوى الجامع العتيق لهجرة السكان إلى المدينة منذ عام 1826م وهناك بلدة أغورمى المستوطن القديم لأهالى شالى فقد هجرت منذ عام 1200م لغارات البدو وانتقل السكان إلى هضبة شالى.
وقد جسّدت مبانى مدينة شالى التفاعل بين الإنسان والبيئة واعتمدت على البناء بالكيرشيف وهو نوع من الملح المتكلس على طبقات وارتفاع الطبقة 25سم والأسقف من خشب النخيل المعالج فى بحيرة الملح وذلك للتخلص من العصارة الجاذبة للحشرات القارضة ويتم أيضا استخدام أخشاب الزيتون الجافة فى عناصر الأثاث مع الجريد ونوع من الطفلة الخضراء الزبدية فى العناصر المعمارية التى تستخدم فيها المياه بكثرة مثل المطابخ ودورات المياه وقد استخدم المهندس عماد فريد والذى قام بأعمال الترميم المعمارى بشالى مواد من البيئة السيوية.
وقد رصد عمارة مدينة شالى المهندس المعمارى عماد فريد الحاصل على جائزة الدولة التشجعية فى مجال الفنون وجائزة حسن فتحى للعمارة من مكتبة الإسكندرية وجائزة مؤسسة هوتيلز لأحسن عشرين معمارى فى العالم تحت عنوان " تاريخ مدينة شالى الأثرية" تضمنت عمارة واحة سيوة وقد سجلت مدينة شالى فى عداد الآثار الإسلامية منذ عام 2009 وقد أشرف على مشروع ترميمها المهندس عماد فريد
تضم شالى منشئات دفاعية والمتمثل فى تحصينات أغورمى وشالى وكان سور مدينة شالى بارتفاع المبانى بها والتى كانت تتكون من طابقين يعلوها داير ولم يتبق منه سوى باب أتشال وكان الباب السرى للمدينة وتعنى باللغة السيوية باب المدينة والذى يقع شمال غرب الجامع العتيق وتضم بلدة أغورمى معبد الوحى الشهير "معبد آمون" ومساحة البلدة ثلاثة أفدنة ولم يعد متبقيًا منها سوى أطلال بعض المنازل والجامع بمئذنته، وتضم شالى وأغورمى منشئات دينية مثمثلة فى الجامع العتيق بشالى الشرقية وجامع تطندى بشالى الغربية وتم تجديدهما فى العصر العثمانى.
وقد رصد لنا النحات العالمى وخبير الترميم مجدى الحريجى الإهمال الشديد فى آثار شالى لدرجة بناء قرية سياحية معروفة بالمنطقة بأحجار من قلعة شالى، علاوة على وجود تعديات على حرم الآثار فى معبد آمون وقلعة شالى وجبل الموتى تمثل منازل لأهالى المنطقة.
وتطالب حملة الدفاع عن الحضارة المصرية المجلس الأعلى للآثار بالتحرك العاجل لإنقاذ آثار سيوة وترميمها وتطويرها ووضعها على خارطة السياحة العالمية.
كما تطالب بإعداد ملف آثار سيوة المتفردة والمتنوعة لتسجيلها تراث عالمى استثنائى باليونسكو، كما تطالب الجهات المعنية بها بتعظيم كل مقومات السياحة بسيوة التاريخية والأثرية والعلاجية بالمياه الكبريتية والملح والبيئية بالمناظر الطبيعية الخلّابة والفنادق الإيكولوجية. الصديقة للبيئة وسياحة السفارى والسياحة الريفية والنباتية لشهرتها بالتمور وتنمية المنتجات التراثية بها فهى واحة تضم كل مقومات السياحة فى مكان واحد





