"توم وجيرى" كيف كان يلهو الأطفال بمصر القديمة
كتب د.عبد الرحيم ريحان
يعد توم وجيري اختراع مصري قديم ، ففي أوراق البردي تجد مدام قطة وقد أصبحت عبده عند مدام فأره! وفي بردية أخرى تجد جيشًا من الفئران محاصرًا قلعة محبوسًا بها مجموعة من القطط ، وهناك أسطورة مصرية قديمة تقول أن القطة الجميلة دائمة الابتسام (باستت) كانت اصلًا اللبؤة الغاضبة من أعمال البشر وقد كانت تماثيل كثيرة في مدينة (بوابسطة)
وقد عثر بالمقابر المصرية القديمة على حيوانات مصنوعة من الطين كلعب أطفال ووجدت تماثيل من العاج تمثل اقزامًا تبدو وكأنها ترقص ، عندما تحرك يدًا جانبية وكانت بعض الدمى تصنع من الخشب ولها يد وأرجل متحركة مثل الأسد الذي يتحرك على عجلات ويطقطك فكه وقد رصدها الباحث الآثارى رضا الشافعى باحث فى الآثار المصرية القديمة
وضمت مقابر الدولتين القديمة والوسطى صورًا تمثل العابًا مختلفة وقد وجد في بعض آثار مصر القديمة مناظر مصورة لعرائس الأطفال وقد صنعت عرائس كثيرة من الخشب والعاج والطين والجلد الأحمر ولا تكاد بعض نوعيتها تختلف كثيراً عن عرائس ودمى أبناء الأوساط الشعبية في مصر المعاصرة.
ومن أمتع اللعب المصرية القديمة هى اللعب المتحركة ومنها لعبة في قبر صبية تدعى (حابي) في فترة ما من الدولة الوسطى مكونة من فرقة أقزام متحركة يعتلي أفرادها خشبة مسرح صغير ويقودهم رئيس (مايسترو) يضبط الإيقاع بالتصفيق ويتخذ كلاً من اللاعبين وضعًا ينم عن دوره فيفغر أحدهم فاه كأنه يغني ويخرج الثاني لسانه كأنه يتفكه وينثني الثالث بجسمه مظهرًا براعته ، واتصلت بقواعد الأقزام خيوط متينة كانت الصبية تحرك بها افراد الفرقة إن شاءت.
ويوضح رضا الشافعى أن العرائس والدمى العادية شاعت بين لعب الأطفال، ومثلت اشكالًا إنسانية وأخرى حيوانية وثالثة جمعت بين هيئة الإنسان والحيوان وصنعت بما يناسب مستوى الأسر المختلفة من الخشب والصلصال والفخار والقاشاني والحجر والعاج.
وصورت بعض العرائس على أشكال القلائد ورسوم تخطيطية وحيوانية وزين بعضها بخصل من الشعر الطبيعي وشعور مستعاره من الخيوط المجدولة والصوف وحبات الطين المسلوكة في خيوط على هيئة الخرز، وتميز بعضها بأذرع تتصل بأجسامها بوصلات خشبية صغيرة بحيث يستطيع أن يحركها ويتخيل الحياة فيها، ومن أطرف الدمى دمية تمثل قردة أجلست ابنتها أمامها لتمشط لها شعرها ، على نحو ما تفعل الأم البشرية مع بناتها
لعبة هز يا وز
وهناك لعبة ما زالت معروفة في الشرق باسم (هز يا وز) أو القفز فوق الأوزة إذ يجلس طفلان متواجهان بحيث يفرد كل منهما ذراعيه ورجليه ، ويضع كل منهما كعب قدمه اليسرى على أطراف أصابع قدمه اليمنى مع أطراف أصابع القدم اليسرى وخنصر اليد اليسرى مع سبابة اليد اليمنى وبهذه الطريقة يتكون حاجز آدمي على المتباري القفز فوقه وتتلامس فيه قدما الطفلين فتتسع مسافة القفز ، فتضم بذلك رياضتي القفز العالي والوثب الطويل معًا وصورت هذه اللعبةعلى جدران مقبرة بتاح حتب بسقارة ، حيث نشاهد صوة لطفلين متجاورين في الوضع المطلوب والثالث يتأهب لأداء القفز
لعبة الكوخ
وينوه الآثارى رضا الشافعى إلى رسم ساخر في دير المدينة تقوم فيها فأرة بتقازف الكرات تتناولها من صندوق أمامها والرسم على شقفة وتظهر الفأرة سعيدة وهي تؤدي اللعبة ومن الألعاب الشهيرة أيضًا في حياة المصري القديم لعبة تسمى (لعبة الكوخ) أو التخشيبة وجدت مصورة بدقة ووضوح على كتلة من الحجر الجيري من مقبرة من الدولة القديمة احتمال أن تكون بمنطقة الجيزة وهي الآن بالمتحف البريطاني واللعبة الجماعية على يمين المنظر الرئيسي خمسة أطفال عراه بخصل شعرهم الجانبية وعلى مقربة من الفتى ذي المئزر وسط البرواز أربعة من هؤلاء الأطفال الخمسة محصورين خلف سد أو حاجز أو قناة (ربما كوخ أو تخشيبة) والأيمنان منهم واقفان أمام الثالث فهو الشخصية الرئيسية بينهم ممدد على الأرض واحدى يديه فوق الحاجز ورابع هؤلاء مائل فوقه في محاولة لطرحه ارضًا ، امّا الخامس في مجموعة الأطفال من خارج الحاضر واحدى يديه تلمسه ، والصورة عنوانها المرافق يقول (انقذ نفسك بنفسك يا صديقي) أي اعتمد على نفسك في الهروب من الحبس
ألعاب رياضية
من كلام الحكيم آني (من كتاب الموتى)"صحة النفس من صحة العقل وصحة العقل من صحة الجسد"
وتتميز مصر القديمة بين الحضارات الأخرى بغزارة آثارها المرئية والأدبية ومن أهمها الاهتمام بالرياضة كأسلوب حضاري ، وقد احتلت الرياضة مكانًا بارزًا في عقيدة قدماء المصريين ووضعوا لها تشريعات ونظم.
المصارعة
كانت المصارعة من الرياضات المحببة لقدماء المصريين وقد وجدت رسومات وارشادات تبين تفاصيل كثيرة من المسكات والرميات ووسائل الدفاع والهجوم منحوتة في الصخر أو منقوشة على الجدران برسوم ملونة فوق طبقة من الملاط ، في مقبرة بن حسن (الأسرة الحادية عشر)
المبارزة
وأردف رضا الشافعى بأن المبارزة كرياضة بدأ يمارسها الجنود باستخدام سيوف خشبية مع تثبيت واق ضيق من الجلد على الساعد الأيسر لتلقى الضربات ، ثم استخدموا أسياطًا معدنية مماثلة المستخدمة في رياضة الشيش حاليًا ، وكانت رياضة التحطيب من الألعاب الشعبية المستحبة خاصة في الريف وتجري باستخدام عيدان العاب أو سعف النخيل أو العصي
وكان الأطفال يمارسون ألعابهم أزواجًا أو في مجموعات ، وقد وجدت كرات جلدية ملونة في مساكن المصريين القدماء كذلك كرات مصنوعة من أكياس الكتان محشوة بالقش والخيش مثل الكرة الشراب ومضارب للكرة مصنوعة من جريد النخل المفرطح كانت تستعمل في لعبة (الحشكة) الريفية، وقد وجد رسم في مقبرة الدولة الوسطى يمثل البنات يلعبن الكرة وهن ممتطيات ظهر الأخريات (لعب الحصان)
كما استعمل المصريون مضارب خشبية مكسوة بالجلد او سيور الجلد ونسيج الليف والصبيان يلعبون لعبة مثل شد الحبل ، وكذلك لعب الصغار بنحلة دوارة.
وقد ابتكر المصريون ألعابًا مسلية لرياضة العقل من التماثيل الخشبية كذلك لعبة السيجة المقسمة إلى 16-36 مربعًا وكانوا يحضرونها على الرمال أو تصنع لها لوحات من الخش وقد لعب الملوك وعلية القوم الشطرنج أو الضامة وكانت اللوحة مقسمة إلى 18-30-36 مربعًا تميز عن بعضها البعض بالألوان وتصنع قطعًا بأشكال انسانية أو حيوانية من العاج أو الأبنوس
كما كان لدى المصريين القدماء لعبة تسمى الثعبان يلعبها عدة أفراد بالتناوب هي على شكل ثعبان رأسه ملتف في الوسط وينتهي بالذيل، والجسم مقسم إلى أقسام
كما عثر على لوحة لعب كانت مصنوعة من الطمي غير المحروق بها فتحات صغيرة حول الحافة في عمودين حول المركز ، وبعض الثقوب موصلة بخيوط محفورة والشكل العام لهذه اللوحة ونمطها يشبهان أمثلة أخرى للعبة مصرية قديمة تعرف باسم (الكلاب وأبناء آوى) حتى أننا نسطيع أن نستنتج على نحو مقبول أن هذه اللوحة كانت تلعب في اللاهون وربما كانت تستخدم في نفس الوقت لتعليم الأطفال مهارات العد .
ولا نعرف بالضبط لماذا اهتم المصريون القدماء بتصوير الألعاب على جدران المقابر ، فلا شك أن هناك معنًا خفيًا لذلك، لا لمجرد تصوير بعض مظاهر النشاط في الحياة العادية ، حيث أن الصور المقبرية كانت أكثر ارتباطًا بالدين والحياة الآخروية هذا بالإضافة إلى أن الألعاب كانت ذات طبيعة تعليمية اذ تهيئ النشئ لمرحلة البلوغ كما أن فيها عنصرًا نفسيًا إذ إنها تساعد على كبح جماح الغريزة الجنسية.
وارتبطت الألعاب البهلوانية بالعبادة لصلتها بالرقص ومن أمثلة ذلك مشاهد الفتيات وهن يتشقلبن فعلى المقصورة الحمراء لحتشبسوت بمعبد الكرنك صور مشهد من أربع بنات راقصات مرتكزات على أيديهن وأرجلهن بينما ظهورهن أو بطونهن بارزة لأعلى على شكل قوس، وعلى الجدران نفسها يوجد مشهد لمجموعة من ست بنات يوجد شبيه له بمعبد الأقصر من اثنى عشر فتاة ، وفي كل المشاهد كان الموسيقيون يصاحبون الراقصات على القيثارات