بالصور آثار فيلة فى حاجة إلى الإنقاذ الثاني بعد إنقاذ اليونسكو عام 1972
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
جزيرة فيلة هي جزيرة بمنتصف النيل بأسوان كان بها آثار فيلة وقد تم تجميعها ونقلها إلى جزيرة أجيليكا، فى حملة اليونسكو أعقاب بناء السد العالي، وتبعد أجيليكا 500م عن فيلة.
وجاء اسم فيلة من اللغة اليونانية وتعنى الحبيبة وسماها المسلمون أنس الوجود لأسطورة إيزيس وأوزوريس الشهيرة، وسميت قديمًا بيلاك أو بيلاخ ويعني الحد أو النهاية لأنها كانت آخر حدود مصر في الجنوب، وتضم فيلة عددًا من المعابد، ويعد معبد إيزيس واحدًا من أضخم المعابد بجزيرة فيلة حيث يشغل ربع مساحة الجزيرة.
ويجاور معبد إيزيس معبدًا مكرسًا لحتحور بناه بطلميوس السادس فيلوماتور
(180 – 145 ق.م)، وأغسطس
(30 ق.م. – 14م). كما تضم فيلة مقصورة تراجان
(98 – 117 م)
ومنذ بناء سد أسوان الأول عام 1902 أصبحت مياه النيل تحاصر جزيرة فيلة معظم السنة، وبعد بناء السد العالى تغير الموقف على نحو جذري حيث أصبحت الجزيرة واقعة بين سد أسوان والسد العالى فصارت غارقة جزئيًا على مدار السنة، إضافة إلى أن السحب اليومي للمياه لدفع التوربينات التي تولد الكهرباء وما يصدر عنه من تموجات مستمرة فيما يقرب من 3 أمتار من مستوى المياه أدى بدوره إلى إتلاف الحجارة بشكل سريع مما هدد باختفاء الجزيرة نهائيًا.
وقدمت الحكومة المصرية مشروعًا لنقل الآثار إلى جزيرة إجيليكا وبدأت عملية إنقاذ فيلة عام 1972 وذلك عندما بدأت سفن دق الخوازيق تثبيت أول لوح فولاذي من بين 3000 لوح في قاع النيل لتكوين سد مؤقت لحجز المياه حول الجزيرة واستغرق الأمر عامان لإحاطة الجزيرة بصفين من الخوازيق المتشابكة بطول 12 متر، وداخل هذا الفراغ تم صب خليط من الماء والرمل المغسول في محاجر الشلال على بعد 5 كيلو، وتم توصيل هذا الخليط عبر البحيرة من خلال أنابيب، وقد سمح للماء بالتسرب تاركًا الرمل ليدعم الفولاذ ضد ضغط البحيرة، وهكذا اكتمل حزام النجاة حول الجزيرة.
وبعد مرور 40 عام من إنقاذ آثار فيلة على يد اليونسكو نرصد بالصورة حاجة هذه الآثار إلى الإنقاذ الثانى حيث أشار النحات العالمى وخبير الترميم مجدى الحريجى إلى أن اليونسكو لم يراعى أثناء نقل آثار فيلة تأثر الأساسات بعمليات سحب وتفريغ المياه بواسطة خزان أسوان مرتين يوميًا وعمليات مد المياه ثم انحسارها أثناء السدة الشتوية مما أدى إلى تأثر الأساسات المبنية بالحجر الرملى وتآكل أجزاء من الأساسات بارتفاع 1.5م والتى تظهر باللون الأسود فى الصور وهى المغمورة فى المياه مما يهدد المعبد كله.
ويقدم خبير الترميم مجدى الحريجى خطة للإنقاذ بإزالة وتفريغ الأحجار السوداء المتآكلة فى الأساسات بارتفاع 1.5م وتبطينها بمادة عازلة للمياه تليها عملية تنزيل أحجار جرانيتية فى المياه بارتفاع 1.5م لعمل مصطبة طولية من أحجار الجرانيت بارتفاع الجدران المتآكلة ثم تتم عملية السقى والترويص أوالضغط بواسطة أسمنت السويتر المخلوط بالرمل دون مياه "ناشف" ووضعه من أعلى بين الجدران ومصطبة الجرانيت ثم توضع أحجار جرانيتية أسفل المصطبة حتى تمتص وتقاوم عمليات مد المياه وانحسارها.
بعدها يتم تبطين الأثر كله من الخارج بأحجار الجرانيت لحمايته حيث أن مهندسى اليونسكو عام 1972 أثناء الرفع المساحى للمعابد تجاهلوا عمليات خروج المياه من السد العالى وحجزها ما بين السد وخزان أسوان مما أدى لتآكل الأساسات الحالى.
ومن الجدير بالذكر أن النحات العالمى وخبير الترميم مجدى الحريجى هو مرمم مصرى مبتكر لديه أفكار خارج الصندوق وقد شارك فى حملة اليونسكو عام 1960 لإنقاذ آثار النوبة وقدّم فكرة إنقاذ معابد فيلة بأسوان بعمل ستائر حديدة ولحام بالأرجون لعمل قفص حديدى حول المعبد أثناء وجوده فى البحيرة ما بين خزان أسوان والسد العالى وقدّمها للدكتور أحمد عثمان خبير اليونسكو فى ذلك الوقت وتم اعتمادها وتطبيقها.
وله باع طويل فى أعمال ترميم وصيانة الآثار ومقيم بمدينة أسوان وملازم لآثار أسوان والأقصر لمدة 45 عامًا، وهو خبير فى النحت على الأحجار بأنواعها وعلى الخشب بأنواعه، خريج الفنون الجميلة بجامعة المنيا.
وفى 8 مارس عام 1960 وجّه المدير العام لليونسكو فيتر ونيزى نداءً عالميًّا لإنقاذ آثار النوبة، وكانت بداية إسهام المنظمة في الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة ومعبدى أبو سمبل من الانغمار بمياه النيل عند بناء سد أسوان، واستمرت الحملة 20 عامًا نُقل خلالها 22 معلمًا وأثرًا معماريًّا من مكانه .