اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ؟

الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ؟





إعداد وتقديم : علاء الدين عبد الرحمن 


جاء فى سورة التكاثر علم اليقين وعين اليقين وجاء فى سورة الواقعة حق اليقين فما هما ؟ 


علم اليقين هو العلم بالشيء من مصدر ثقةٍ دون أدنى شكٍ، وعين اليقين هو رؤية ما أخبر به الشخص بأم عينه، وحق اليقين هو التمتع بالشيء الذي أخبر عنه وتجربته بنفسه، وتترتب هذه الثلاثة من الأقل للأعلى درجةٍ وهذا الترتيب هو : أولاً علم اليقين، ثم عين اليقين، ثم حق اليقين وهو أعلى المراتب، وهنا بعض الأمثلة: في القرآن الكثير من أوصاف الجنة ونعيمها وجمالها، والكثير أيضاً من أوصاف النار وعذابها، فهذا الكلام هو علم اليقين لأننا نؤمن به دون أن نراه لعلمنا بثقة مصدره وقائله وهو الله تعالى. لكن إذا رأينا الجنة والنار بأم أعيننا يتحول علم اليقين إلى عين اليقين لرؤية الشيء المخبر عنه بالعين، والمرتبة الأخيرة هي دخول الجنة والتمتع بنعيمها أو دخول النار (اللهم حرمها على أجسادنا)، فهنا تحول عين اليقين بعد رؤية الشيء إلى حق اليقين وهو تجربة الشيء بنفسك. علم اليقين لا يمنع الأخذ بالأسباب؛ فمثلاً أننا على يقينٍ وعلمٍ بأننا لن يحصل إلا ما كتب الله لنا، ولكن علينا العمل والمثابرة في هذه الحياة؛ فإذا كتبت هذه الوظيفة لي فستكون من نصيبي دون أن أتحرك وأقدم طلباً للعمل فكيف سيعلمون بي وبشهادتي وخبرتي وكفاءتي إذا لم أخبرهم أنا بذلك، لذلك على الإنسان الأخذ بالأسباب إلى جانب علم اليقين .


بعد ما عرفنا أنواع اليقين والفرق بينهم علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين 

تعالوا نتعلم فوائد اليقين


فوائد اليقين يزيد من قرب العبد لربه وحباً، ورضى لكل ما كتبه الله له. يعتبر لب الدين، ومقصوده الأعظم. يزيد اليقين العبد استكانه، وخضوعاً لله عزّ وجل

 يورث الزهد، والتوكل على الله عند الناس

يكسب العبد الرفعة، والعزة، ويبعده عن مواطن الضعة، والذلة. يعتبر سبيلاً في الوصول إلى الجنة. يضع صاحبة موضع الصدق، والإخلاص. يقوّي علاقة العبد بربه، ويجعله يلتزم بخط الأمان، والسلامة حتى يصل إلى الجنة.


ثمرات اليقين وآثاره 


لليقين آثار كثيرة وثمرات عظيمة في حياة العبد ومعاده ، ومن تلك الثمرات ما يلي :


1- اليقين من أعظم أسباب حياة القلب وطمأنينته وقوته ونشاطه وسائر لوازم الحياة ، فاليقين يزيل الريب والشك والسخط ، ويملأ القلب نورًاً وإشراقًا ورجاءً وخوفًا من الله ومحبة له ، ورضى بما قدر ، وهو من أسباب زيادة أعمال القلوب كالتوكل والإنابة والخوف والخشية وإحسان الظن بالله تعالى ، ولابد لليقين من علم صحيح يوصل بالخوف والرجاء فهما يدفعان إلى العمل بتحري الإتباع والإخلاص (انظر: مفتاح دار السعادة) .


وتأمل حال خليل الرحمن إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام عندما سأل ربه قائلًا كما أخبر الله تعالى عنه : " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " (البقرة: 260) فإبراهيم عليه السلام بسؤاله هذا " أحب أن يترقى من علم اليقين بذلك إلى عين اليقين وأن يرى ذلك مشاهدة " (تفسير القرآن العظيم) فقال الله تعالى له : " أَوَلَمْ تُؤْمِنْ " فأجاب إبراهيم عليه السلام بقوله : " بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي "  فرضي الله من إبراهيم قوله : " بَلَى"وعلم سبحانه من حال هذا الرسول الكريم أنه يريد زيادة الاطمئنان واليقين ، وإزالة ما قد يعترض في النفوس ويوسوس به الشيطان (تفسير القرآن العظيم) .


فازداد إبراهيم عليه السلام باليقين إيمانًا وقوة حجة وبرهان .


2- اليقين من أعظم أسباب قوة الإيمان وزيادته، وبه تنال الإمامة في الدين ، يقول ابن القيم سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " (السجدة:24 )  (مدارج السالكين) .


كما أن من ثمراته العظيمة قوة التوكل على الله – كما أشرت في الثمرة الأولى - هذا العمل القلبي العظيم ، فكلما ازداد اليقين في نفس العبد قوي توكله 

قال تعالى : 

" فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ " (النمل: 79) والحق هنا هو اليقين كما ذكر ابن القيم رحمه الله (مدارج السالكين ) 


بعد ما عرفنا أنواع اليقين والفرق بينهم وفوائد اليقين وثمراته تعالوا نتعرف على صفات أهل اليقين

صفات أهل اليقين كثيرة ، وينتظم في صفاتهم جميع الصفات المؤدية إلى رضى الرحمن 

ولكن نذكر منها على سبيل المثال :


1- هوان مصائب الدنيا عليهم  ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم قْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا ، اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا  وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا" أَخْرَجَهُ الترمذي 


وهوان المصيبة ، والتحلي بالصبر تجاهها

 يتفاوت على حسب تفاوت اليقين في القلوب ، فأعظم الناس صبرا ، هو أعظمهم يقينا ، وكلما ترقى العبد في مراتب اليقين = ترقى في مراتب الصبر ، كما قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) .


2- راحة النفس وطمأنينة القلب فيما يفوت من حظوظ الدنيا ، ثقة بموعود الله ، ورجاء العوض والخلف منه سبحانه .


3 – قوة توكلهم على الله واستشعار معيته لهم : قال صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد أحدقت بهم الأخطار " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا " .


قال سبحانه : ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (40) سورة التوبة .


وقال موسى ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )


4- كثرة إنفاقهم في سبيل الله ليقينهم التام بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين  وأن الرزق ليس بيد أحد من البشر وإنما هو بيد الله تعالى وحده ، قال سبحانه : ( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .

5- من سيماهم الخشوع والاستقامة :


قال الحسن البصري رحمه الله : 

"ما أيقن عبد بالجنة حق يقينها ، إلا خشع ووجل وذل واستقام واقتصر حتى يأتيه الموت" . ابن أبي الدنيا : اليقين 97.


6- من سيماهم : زهدهم في الدنيا وقصر أملهم فيها : فلا تتعلق نفس الموقن بها، ولا يتشبث بُحطامها، وإنما يكون زاهداً فيها لأنه يعلم أنها ليست موطناً له، ولأنه يعلم أنها دار ابتلاء، وأنه فيها كالمسافر يحتاج إلى مثل زاد الراكب، ثم بعد ذلك يجتاز ويعبر إلى دار المقام، فهو بحاجة إلى أن يشمر إليها، وأن يعمل لها .


7- من سيماهم عظيم انتفاعهم بآيات الله الكونية والشرعية ، كما قال تعالى وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ .


إلى غير ذلك من أعمال البر والإحسان التي يزداد منها المؤمن بقدر يقينه .

google-playkhamsatmostaqltradent