ومن المحن تأتي المنح
إعداد وتقديم - علاء الدين عبد الرحمن
ومن المحن تأتى المنح
قد ينظر الإنسان إلى الظواهر ويترك البواطن، فينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد، إن الذهب حينما يستخرج خاماً لابد أن يوضع في النار حتى ينقى من الشوائب ويصير ذا قيمة كذلك تفعل المحن بالمسلم، قال تبارك وتعالى:
{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 141]
وفوائد المحن كثيرة منها: أنها تظهر الصديق من العدو وتعرف الإنسان محبيه من مبغضيه فيظهرون وقت الشدة
أما المحب فيقف بجانبك منصفاً، وأما المبغض فيقف وراءك شامتاً، والشماتة ليست من خلق المسلم وفي الأثر
"لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك"
وقد قال الشاعر:
جَزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خير عرَفتُ بها عدوِّى من صدِيقى وفي المحن يبحث لك المحبون عن عذر والمبغضون يبحثون لك عن عثرةوالمنصفون يوازنون الأمور حتى يحكموا بالعدل وفي النهاية من المحن تأتى المنح والمحن فوائد سوف نتكلم عنها
ومن المحن تأتي المنح ولا تنظر إلى سوء الحال بل انظر إلى حسن المآل.
فانظر معي :
أم موسى تلقيه في اليم فيربيه فرعون ويكون ما يكون
ويوسف يُلقى في البئر فيرفع على عرش مصر
وغلام الأخدود يُقتل فيدخل الناس في دين الله ويقع ما كان يحذر الملك.
وقال عليٌّ رضي الله عنه:
وكـــمْ للَّـهِ مـِن لطـفٍ خـفيٍّ يَدقُّ خَفـاهُ عن فهمِ الذكيِّ
وكمْ يُسرٍ أتى من بعدِ عُسـرٍ ففَرَّجَ كُربةَ القلبِ الشَّجيِّ
وكم أمرٌ تُســاءُ بهِ صباحــًا فتأتيكَ المَسَـــرَّةَ بالعَشِيِّ
إذا ضاقتْ بكَ الأحوالُ يومًا فثِـقْ بالواحـدِ الفردِ العليِّ
ولا تجزعْ إذا ما نابَ خَطْبٌ فكَـمْ للَّــهِ مـنْ لُطـفٍ خَفيِّ
فثقوا في وعد الله ونصره، واعلموا أن مع العسر يسرا، وإياكم واليأس أو الإحباط، وإياكم أيضاً والتهور أو الطيش أو الاستعجال،
دين الله غالب ووعد الله متحقق ولابد، لكن لله سنن كونية ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [النور:55]
فليراجع كل منا حاله مع ربه وحال أهله وبيته وأولاده
فليراجع كل منا عبوديته لله ليرفع عنا ما نحن فيه وليمكن لنا في الأرض كما مكن لآبائنا .