اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

رحلة عبر الزمن في بيت السحيمي

 رحلة عبر الزمن في بيت السحيمي





كتب - مريم محمود


عندما تتحدث عن شئ ما تحبه فهذا يكون ظاهراً بشكل واضح على ملامحك وتعبيرات وجهك وحركات يديك والطاقة التي تنبعث منك فيشعر بها كل المقربين منك ، هكذا أرى من يتحدث عن التاريخ وهو يعشقه ،  ولقد رأيت ذلك في مرشد سياحي  قادنا في إحدى الجولات بشارع المعز ؛ ومنه الى حارة تسمى بحارة الدرب الأصفر ليأخذنا في رحلة عبر الزمن لإحدى البيوت التي تعيدك لحقبة بعيدة منذ أكثر من ثلاث قرون فتدخلك لإحدى العوالم التي لا تستطع أن تنفصل عنها . وهكذا بدأنا جولة أخرى في إحدى أشهر معالم حارة الدرب الأصفر الا وهو " بيت السحيمي " .  

في بداية الأمر وعندما تدخل لذلك البيت فكل ما تشعر به هو ان شئ ما بداخلك أصبح هادئاً لا أعلم ماذا يضيف هذا المنزل العتيق علي النفس ، ولكنك تشعر بشئ من الهدوء وصفاء النفس بمجرد دخولك من بابه ، وجلسنا وبدأ ذلك الشخص المحب للتاريخ ولشوارع القاهرة القديمة بالحديث عن البيت وتفاصيله ومكانته في العمارة الاسلامية .

يقع بيت السحيمي في حارة تسمي حارة الدرب الأصفر بقاهرة المعز ؛ وذكر المقريزي من قبل عن حارة الدرب الأصفر قائلاً انها تقع مكان المنحر الفاطمي اي المذبح الفاطمي وهذا يعني ان هذا البيت بني على أنقاض مبنى يعود للعصر الفاطمي . سمي شارع الدرب الأصفر بهذا الاسم لأن معظم مبانيه تميل إلى الإصفرار .




يتكون بيت السحيمي من قسمين القسم الاول وهو القبلي وبناه الشيخ عبدالوهاب الطبلاوي في عام 1648 م . وبعد قرن من الزمن تحديدا في 1797 م . بني الحاج اسماعيل بن اسماعيل شلبي القسم الاخر للبيت وهو القسم البحري ووصل بينهم بممر يصل بين القسم القبلي والبحري فأصبح بيتا كاملا وبعد سنوات يصبح البيت ملكا للشيخ " امين السحيمي " تحديداً في 1813 م . 

 جعل السحيمي من هذا البيت مكان للمناقشة والتشاور في القضايا الدينية والدنيوية .  و السحيمي هو شيخ رواق الأتراك في الأزهر . فسمي البيت بالسحيمي نسبة له وهو أخر ساكنيه وتوفي في 1928 . وبعد ثلاث أعوام باع الورثة البيت للجنة حفظ الآثار المصرية بمبلغ ست الاف جنيه وبعد سنوات وتحديدا في 1995 م  بدأ ترميم المنزل بتكلفة وصلت الي عشر ملايين من الجنيهات وافتتح مرة اخري في سنة 2000 م

البيت هو متحف مفتوح للعمارة الاسلامية علي الطراز العثماني فيتكون من طابقين الطابق الاول وهو السلاملك مخصصا لاستقبال الرجالة تتوسطه حديقة  ،تطل عليها جميع غرف المنزل بالطابق الاول يوجد غرفة لقراءة القرآن وقاعة واسعة مزينة بالنقوش الخشبية ومنقوش عليها قصيدة البردة للامام البوصيري .


والطابق الثاني وهو الحرملك مخصص لاهل البيت يحاوطه المشربيات من كل الجوانب وهذا اهم ما يميز العمارة العثمانية في هذا الوقت فيسهل علي النساء من اهل البيت رؤية ما يحدث في المنزل او الشارع بدون ان يراهم احد .

في الطابق الثاني توجد غرفة للولادة ، وايضا يوجد غرفة لتخزين الطعام تسمي بالقاعة الخزفية الزرقاء بها اواني خزفية مصنوعة من السراميك المزخرف وتحاوط جدران الغرفة ، السقف مرتفع ليسمح بتوزيع الضوء والهواء داخل الغرفة وبه ايضا النقوش والزخارف الملونة . 

يعتبر بيت السحيمي موضع للدراسة فبعض الغرف مخصصة للشتاء وبعضها مخصص للصيف وهذا ما شعرنا به بشكل واضح عندما كنا هناك ، يوجد بالبيت ايضا حديقة خلفية بها طاحونة وساقية تدار بواسطة ثور ويوجد في هذا الجزء ثلاث ابار ، وكان هذا الجزء مخصص للخدم ، شاهدنا ايضا في هذا البيت جزء من عظمة حوت كانت تستخدم لجلب الحظ .، لا يوجد في هذا البيت  أسرة يوجد فقط مرتبات صغيرة من القطن المزخرف الناعم .

بمجرد ان تخطو قدميك خارج هذا المنزل فتشعر بعدها انك خرجت من عالم لعالم اخر فتشعر بشعور المدنيه التي لا تخلو منها حارة الدرب الاصفر فتعلو اصوات الباعة وتعود مرة أخرى لحاضرنا ولكن لا تخلو هذه التجربة ان تترك معك إلهاما لا يزول مع الايام . 


google-playkhamsatmostaqltradent