اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

خيّارين حُلوهما مُر

 خيّارين حُلوهما مُر



بقلم : أحمد عادل الحديدي


مازال كثيرين مِمَن حولنا لم يُدركوا بعد أنه لا شيئَ يحدث فجأهً أو صُدفه بالرغم من وضُوح هذه الحقيقة كوضوح شمسِ في ظُهرِ يومٍ في أغسطس .

فهذا الذى يحدث في أوكرانيا و في بحر الصين الجنوبي لم يكن أمرا مفاجئ بل أمر مُتوقع ومُصرح به علنا مُنذ أكثر من عقدِ من الزمن. 

فالصِراع الأمريكى الصينى ليس وليد هذه الأيام بل بّدأ مُنذ زمنٍ طويل ففي بَادئ الأمر كان الصراع الإقتصادى وقد فَازت الصين بهذه الجوله حيث هزيمهٍ ساحقه للولايات المتحدة اذ أصبحت الصين أكبر قوة إقتصاديه في العالم رائده في صناعات عِده وقِبلهً للإستثمارات الأجنبيه ولم تتوقف عند ذلك الحد بل توغلت في أعتى الكيّانات الإقتصاديه الغربيه حتى لا تكاد أى شركه من كبار الشركات العالميه إلا وكان ضمن مساهميها كيانات ومُستثمرين صينين  وبعد إنتصار الصين في المعركه الإقتصاديه بدأت فى الظهور مُعلنه عن نفسها سياسيا وعسكريا باسطه أجنحه نفوذها إقليما و عالميا بعد أن عملت فى صمتِ مُنكبه على نفسها لعقود من الزمن وهذا ما  أجج الصراع بينها وبين بلاد العم سام والذى تعتبره الولايات المتحدة صراعاً وجودياً فالولايات المتحدة لن تتخلى بسهوله عن أُستاذيه وقيادة العالم بل أنها لاترغب آيضا بِشُركاءٍ لها فى قيادة العالم فالإداراتُ الإمريكية المُتعاقبة لن يقبلوا بنظامٍ عالمى مُتعدد الأقطاب فمُنذ فبراير الماضي وإجتياح الروس لأوكرانيا لم أشك للحظه أن طرفى الحرب الحقيقين هما الولايات المتحدة والصين بمعنى أدق حربة صينيه امريكيه على اراضٍ أوكرانية فالصين وروسيا حُلفاء تلاقت طرقهم مع بعضهم البعض غريمهما واحد وهو الولايات المتحدة  بخلاف أن كلاهما آيضا يرى فى نفسه أحقية قيادة العالم أو على الاقل مُشارك في قيادته  فالصين أكبر قوة إقتصاديه وبشريه في العالم بِخلاف قُدراتها العسكريه والنوويه آما روسيا فتمتلك قوة عسكريه وخبرات إستراتچية لا يُستهان بها فهى ثانى اقوى جيش فى العالم بعد الولايات المتحدة الامريكيه وتمتلك ترسانة نوويه هى الأكبر  إلى جانب ماتملكه من ثروات طبيعيه وصناعات مايجعلها دائما في دائره الأمان اقتصادياً بالإضافه الى ذلك فهى تطمح بإستعادة أمجاد الأتحاد السوفيتى الذى كان قوه عظمى مشاركه في قياده العالم في حقبه زمنيه ماضيه و الذى قد أُسقط وفُكك على يد الولايات المتحدة فاذا أمعنا النظر فيما يحدث على أرض أوكرانيا وجدنا الولايات المتحدة ترسل اسلحه متطورة من صنعها و فيالق من المقاتلين المدربين إلى أوكرانيا بخلاف الدعم الاستخبراتى واللوچيستى والمالى هذا بخلاف العقوبات الاقتصاديه التى قد فرضتها  مع دول الغرب  على روسيا و التى بالمُناسبه لم تُحرك شّعره فى جسد الدُب الروسي بل المُذهل أن تأثير هذه العقوبات كان إيجابيا على الإقتصاد الروسي وأعطاه الضوء الاخضر ليبدأ فى إستخدام كروته الذهبيه كاللعب بكارت الغاز ووقف امداده لأوروبا والتى أصبحت تُعانى من أزمة طاقه لم تحدث من قبل وأنقلب السحرُ على الساحر وقد إكتوى بنار العقوبات من فرضها أما على الجبهه الأخرى وجدنا دعماً اقتصادياً صينيا لروسيا فى مجابهه العقوبات المفروضه عليها بخلاف دعماً سياسياً وعسكرياً في حربها في أوكرانيا إضافهً لدعماً دُبلوماسياً في أروقة مجلس الأمن والأمم المُتحدة والمحافل الدولية ولكن المُثير للإهتمام فى كل هذه الأحداث أن أمريكا نفسها من عجّلت بالضغط على زر الحرب ضدها! وهذا يبدوا غريباً بعض الشيئ طبقا لطبيعة سياسة وايدولچية الولايات المُتحدة فقد عاهدناها مُأججه للصِراعات بين الدول حتى تبيع السلاح  أو إشعال الثورات وتأجيج الشعوب على حُكامهم بغرض تفكيك هذه الدول وإضعافها أو حروب بالوكاله لكن مافعلته الولايات المتحدة هذه المره فريداً من نوعه فهى تُريد إشعال حرب مباشرةً هى إحدى أطرافها على غير العاده فامريكا رغم البروباجندا الإعلاميه والمُبالغات بخصوص قدراتها وإنتصارتها لا تُفضل المواجهة فمُنذ الحرب العالمية الثانية، خاضت أمريكا خمس حروب  في خمس دول وهى كوريا وفيتنام وحرب الخليج وأفغانستان والعراق. لم تُحقق أمريكا انتصاراً صريحاً او واضحاً في أياً من هذه الحروب بإستثناء حرب الخليج حيث قامت بإخراج العراق من الكويت في ١٩٩١. لا أعنى هنا أنها قد هُزمت بل ما أقصده انها لم تُحقق هدفها في أياً من تلك الحروب علماً بأنها أيضاً لم تدخل أياً من تلك الحروب وحدها بل دائما رفقه حُلفاء لها فقد وجدنها تُصارع من أجل ضم أوكرانيا لحلف الناتو وهى تعلم جيداً ما يعنيه هذا الامر بالنسبة للروس فإنضمام أوكرانيا لحلف الناتو يعنى أن صواريخ وجيوش الناتو وعلى رأسهم امريكا اصبحت على بعد بضع كيلو مترات من الاراضي الروسيه و هذا بمثابه إعلان حرب وتطويق لروسيا وتهديداً وجوديا لها لن تسمح به ومع ذلك أشعلت الولايات المتحدة فتيل الأزمة لغرضا ما في نفسها أحسبه إنخراط الصين بشكل مباشر في هذه الحرب بجانب روسيا وسقوطها فى مستنقع هذه الحرب  آمله أن  تتصيد خطئ قد تستغله جيدا ضد غريمتها مثل مافعلته مع روسيا لتنال منها ايضاً و تنقض عليها وتستنفزها إقتصاديا وعسكرياً حتى تَهن وتَضعُف  ولكن هذا لم يحدث حتى هذه اللحظة او أنها كانت تَأمُل أن تجتاح الصين تايوان فى خضب إنشغال العالم بإجتياح الروس لأوكرانيا مُتصيدةً أيضا خطئ لنفس الهدف وهذا أيضا لم يحدث ! ومع الفشل المتكرر للإيقاع بالصين ونجاحها بالخروج من هذه المكائد تأكدت الولايات المتحده انه لابد بالمواجهه مباشرةً مع الصين كحلٍ أخير فى مُحاوله لن تكون الأخيره لإشعال الحرب حيث قامت بإرسال نانسي بيلوسي فى زياره إلى تايوان وهو مايُمثل للصين أنتهاكا صريحاً لأراضيها وسيادتها حيث تعتبر الصين تايوان جزء لا يتجزء من اراضيها وستسترده عاجلاً ام آجلاً، فالمُحاولات المُتكرره والمُتصاعدة ايضا من قبل الولايات المتحدة من إستفزازت للصين وكانهم يطلبون ويستجدون منها التعجيل ببدأ الحرب والتعجيل بإجتياح تايوان لتبدأ حربا عالمية جديدة وللعلم لن تكون زيارة بيلوسي لتايوان نهايه المطاف فقد كانت مجرد البداية فبعد فشل توقعاتهم وآمالهم حتى لحظه كتابة هذا المقال فى أن تقوم الصين بعملٍ أرعن غير محسوب كمُهاجمة طائرة بيلوسي مثلا او إعتراضها أو إجتياح تايوان قبل وصول بيلوسي أو أثناء وجودها بها لقد كانوا يأملون الكثير من هذه الزياره المستفزه لخصمهم لكن حتى الان لم ينالوا ماارادوا وفشل رهانهم لهذا سمعنا اخبارا تتردد عن مُناورات امريكيه مع كوريا الجنوبيه  في تحدى وإستفزاز صريح أيضا لكوريا الشماليه وهى أيضا حليفاً صريحاً للصين  تربطهما إتفاقيه دفاع مشترك بجانب أنها دوله نوويه أيضا آمله أيضا التعجيل ببدأ الحرب ولن تتوقف المُحاولات الأمريكيه حتى يحدث أمرا جلل يجعلها تنال مرادها فلا أستبعد قريبا إستفزازا جديدا لحُلفاء آخرون للصين! 

لا أعتقد أن هُناك من يُمكنه إخبارنا بكواليس مايحدث أو حتى شرحه لأن المشهد مُعقد وعبثى لا وجود للمنطق به بل أن ماتفعله الولايات المتحده وكانها تُعجل بخراب ستكون أول من سيكتوى بِناره وكأنه هنالك من يُريد الزج بها هى ايضا في هذه الحرب فطبقا لحسابات العقل والمنطق فالولايات المتحدة وحلفائها لن تنتصر على الصين وحلفائها بل ستكون حربا بلا مُنتصر بل كل من بها خاسر. 

حتى اكون صادقاً فحدسي لا ينبؤنى بخير  بل سيناريو الحرب أصبح يلوح في الأفق سواء عاجلاً أم آجلاً و سيُصبح لِزاماً على دول العالم الإختيار بين الإنضمام للمُعسكر الشرقى ام المُعسكر الغربي وهما خيارين حُلوهما مُر فيجب أن ننتبه جيداً أنه بمجرد إحتدام المعركه لن تستطيع الدول الإحتفاظ بمبدأ مسك العصاه من المنتصف وسوف تكون التحالفات جهراً وعلانيه ففى هذه الأوقات المشؤمه إن لم تكن صديق فأنت عدو فالاهم من إختيار الصديق إختيار العدو الذى سنجابهه لذا فعلينا إختيار عدونا بعنايه اذا ماقد سبق السيف العَذل وبدأت الحرب أسأل الله أن تخيب ظنونى داعياً الله تعالى أن يجعل مصرنا سالمهً امنهً مطمئنه راجياً من الله أن يُجنبنا ويلاتُ هذا الصِراع. 

حفظ الله مصر و شعبها و جيشها.

google-playkhamsatmostaqltradent