اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

 كل يوم كتاب - انتعاشة اللغة.. كتابات في الترجمة

 كل يوم كتاب 

انتعاشة اللغة.. كتابات في الترجمة




انتعاشة اللغة.. كتابات في الترجمة



  تقديم  الكاتب الصحفي

 الأستاذ / محمد سيد بركة 



صدر عن منشورات المتوسط بإيطاليا، للباحث المغربي عبد السلام بنعبد العالي كتاب بعنوان انتعاشة اللغة... كتاباتٌ في الترجمة، قدم له الناقد والمفكر المغربي عبد الفتاح كيليطو بكلمة شرح فيها تأكيد بنعبد العالي على أن الترجمة قضية الفلسفة وموضوعها الأساس، من منطلق أن كل فيلسوف يجد نفسه متنقلاً ذهاباً وإياباً بين لُغَتَيْن (على الأقل)، حتى في حالة عدم إلمامه بلسان آخر غير لسانه.


يسعى المفكِّر المغربي عبدالسلام بنعبد العالي في اشتغاله الفكري والفلسفي المعاصر إلى مقاربة واقعية للمفاهيم والمصطلحات لا تستكين إلى المدونة التقليدية، إنما تفتح أفقاً جديداً للفكر من منطلقات يومية، يدخل معها في سجالٍ يؤسِّس لأرضية مغايرة تتولَّد من خلالها أسئلة غير متوقَّعة لعددٍ غير محدود من القضايا. وبما لا يغفل المتغيِّرات الإنسانية والفكرية المعاصرة. 


لذلك اعتبر الناقد والمفكِّر المغربي عبدالفتاح كيليطو، في تقديمه، كتابَ انتعاشة اللغة.

 كتابات في الترجمة؛ أول دراسة فلسفية أُنجِزَت عن الترجمة في الثقافة العربية المعاصرة، مشيراً إلى أنَّ بنعبد العالي يعالج الترجمة بكونها قضية الفلسفة وموضوعها الأساس، ناسجاً علاقة زمنية متبادلة وشبه حتمية بين أزهى عصور الفكر وازدهار حركة الترجمة.


من هنا يمضي بنعبد العالي في صياغة نصوص وإن تعدَّدت عناوينها تبقى على تماس مع عنوان الكتاب، الذي يرمي إلى أن كثيراً من الآداب قد يخفتُ صوتها في لغتها وبلدها الأصليين، لكنها تستعيد بريقها وتبث في جسدها دماءً جديدة في لغة أخرى وبلدٍ آخر عبر جسر الترجمة، مما يتيحُ لها الانفتاح على ثقافات أخرى، وآراء مختلفة لقرَّاء جُدد، وهذه الانتعاشة، كما يورد الكاتب تجعل الأدب يرى نفسه في أدب آخر ولغات أخرى، كما يرى نفسه أيضاً على نحو مغاير.


 أي إنه بشكل ما خروج للأدب عن ذاته واستنباته في غير موطنه.

من النصوص المؤسسة للكتاب، ما جاء في اعتبار الترجمة إبداعاً، ذلك أن المترجم ليس مجرد ناقل، وإنما هو مبدع مؤلف، والنص المترجم يحاكي عملية الإبداع التي تحاول، انطلاقاً من اللغة المألوفة، أن تعطي الحياةَ لِلُغة مغايرة. كما يُعدُّ بنعبد العالي في نص آخر الترجمة قضية “فلسفية” انطلاقاً من قصة برج بابل، حيث مُنع الشعب الواحد من أن يفرض لغته على أنها اللغة وحكمَ عليه بالتعددية والترجمة. صفة الخيانة التي باتت لصيقة بالترجمة، كانت أيضاً موضع تساؤل للكاتب الذي اعتبر كما رولان بارت، أن الكتابة في حدِّ ذاتها خيانة للغة، ليزعزع الموقف السائد الذي يقول إذا كانت كل ترجمة مبدئياً خيانة، فإن ترجمة نص عن غير أصله خيانة مضاعفة، وليذهب إلى مفهوم آخر وهو الترجمات “الحفيدة” التي انتقلت من خلالها، عبر لغاتٍ وسيطة، كثير من الفلسفات الألمانية إلى اللغة العربية، دون أن ينكر قيمة ترجمات الدرجة الثانية هذه، أهميتها.


تضمَّن الكتاب ، تقديماً لعبد الفتاح كيليطو و42 فصلاً قصيراً – وهي طريقة عبدالسلام بنعبد العالي في الكتابة الشذرية – وتوزَّعت الفصول على 272 صفحة، تطرَّق فيها الكاتب إلى قضايا فلسفية أساسية تقارب موضوعية الترجمة. وقد عمد في مقاربته هذه إلى طرح أسئلة شائكة تتقاطع في جوهرها مع ثقافات أخرى، ومع نصوص ومقولات عبرت بين لغات عديدة.


كتاب انتعاشة اللغة اشتغال دائم بأسئلة متجدِّدة على قضية إشكالية قاربها بنعبد العالي بأسلوبه الخاص، وبمعاناة خفية مستترة، هي معاناة الفيلسوف الذي يخالف الأفكار الجاهزة، ويطرق الموضوعات الأساسية.


ولبنعبد العالي مؤلفات كثيرة، منها: الفلسفة السياسية عند الفارابي، وأسس الفكر الفلسفي المعاصر، وحوار مع الفكر الفرنسي، ولا أملك إلا المسافات التي تُبعدني، وفي الترجمة، وضيافة الغريب، وجرح الكائن، والقراءة رافعة رأسها، وضد الراهن، والكتابة بالقفز والوثب. وله في الترجمة: الكتابة والتناسخ، وأتكلم جميع اللغات لكن بالعربية لعبد الفتاح كيليطو، ودرس السيميولوجيا لرولان بارت، والرمز والسلطة لبيير بورديو.

google-playkhamsatmostaqltradent