recent
أخبار ساخنة

لم يرفع القلم بعد ..." غربال حرير "

 لم يرفع القلم بعد 

        

    


    " غربال حرير " 


بقلم  : منال خليل


 -في أمسية ما،  يغزوها سهام الحنين وألم بندبات لم تلتئم مازالت تعكر صفو القلب .

 

 أمسكت " حورية "  الغربال بيدها، ذلك الغربال العتيق الذى ورثته عن جدتها وكأنه من زجاج شفاف جداً .


وكأنها ترى من خلاله كل الأشخاص الذين مروا بمنعطفات حياتها، وكم المشاعر تتساقط من خلال فتحات الغربال الضيقة الأوصال .


ويتساقط معها أشخاص وذكريات وآلام وأوجاع كأنها من كسر الألماس .


نفسها تتوجع وتنطوي على ذاتها مع كل سقطة وهي ترى أطرافهم،  أيدى وسيقان وربما ينحشر الرأس من العنق محاولة عدم الإخفاق بالأختفاء من دائره حياتها ، تراهم أقزام رفيعة وهم يتخطوا خيوط حرير الغربال محاولين ألا يخترقوا حاجز مسامات الحرير .


 ملامحهم  تتساقط كورقات شجر خريف جاف مع الوعود والإخفاقات، 

ولكنها تتساقط من شجرة قلبها وعمرها .


ولكن حورية أمتهنت فضيلة الزهد واعتناق الصمت منذ زمن بعيد ترفعاً عن ما قد يهز عرش كبريائها وثبات وضعها الاجتماعى وثقافة تعاملاتها مع الجميع .


- تذكرت إن كل منهم أخذ الكثير من صفحات كتاب أيامها وقلبها وشغفها بالحياة .


- كل منهم نهش جزء من القلب والروح . 


ونخر بعظام قد أصابها التلف بمرور الوقت والخيبات المتتالية، لربما كانت بوقتها ضعيفة كقطرات المطر 

  لو نظرت إليها اعتبرتها كحبات ندى 

لا تؤذي .


خُلِق قَلبها جاد عفوياً ، لا يتَعاطى النِفاق

 ولا يقْبل الَجَدل في ثوابتْ الحب .


كانت حوريه لا تختلٌق كَذباً ولا تَصطنع زَيفاً  لطالما فِكرها و عيناها يُجردان كل من يحاول أن يرتدي من أقنعة و أدعاءات قبل أن يتفوه بها.


ولكنها كانت بتوالى الصدمات والانهزامات والتوقعات .

 كانت تشعر  وكأن رصاصه صدئة أصابت واستقرت بعمق القلب فيها 

  - وآخرهم كان هو .

 

هو من أخذ منها الكل وتغذى على ماء عينيها ونبضها

 كان كالطفل ينمو ويتغذى على ثدييها وينام بين أحضان صدرها يستمد منها الأمان 

يتنفس مسام بشرة كتف وعنق يستند عليهما حتى اشتد عوده وفرد ظهره ثم أداره لها ومضىَ .

 تاركاً لها كل الخيبات تتلوى أمامها كالحية بل كوبرا ذات الجلد باهظ الثمن باهر الجمال .

 ويأبي أن يمر من حرير ذلك الغربال متشبس بالعروق وشرايين القلب وكأنه مرض مميت .


- كان " مروان " فقيررررراً .. فقر المشاعر والانتماءات والمبادئ

 ذلك الفقر المُلّح الذي يجتمع فيه إنعدام الثقة مع الغرور والرعونة، وبراءة وخُبث الأطفال وكذبهم وبُكائهم 

غريباً كان .

لا تعلم هل هو طيب صادق أم مُدّعي !! 

وكان متردد وكأنه لا يملُك من أمرُه شيئاً  هّش المواقف 

-  ظّنت " حورية "  إنه يملُك خُلقاً هادئ حباً وكفى  !! 

ولكنهُ كان دائماً أسير الهرووووب وحُب الأوراق المطبوعة الملونة وفخ نفسه مع أستلهام وجوده في ظل اي كان من النساء وعندما إستنفد كل الحيل .


  أعلن مُجاهراً بقبيح تصرفاته إنه مازال وسيظل فقير الخُلق وهو يعتزم الرحيل ليحط على شجيرات أخرى لربما بلا جذور يستند قلبه عليها ولكن ضعف مواطئ الرجولة فيه .

-  أعتدلت حورية وهى تعيد ذلك الغربال المسحور أو الممسوس بفعل الذكريات بذلك الصندوق الخشبي الأبنوس الأسود 

ثم عادت لطبيعتها مخاطبة أياه ذلك

 " المروان" وكأن ماقد كان منه ... لم يكن 

قائلة  : 

 - لربما لا أتذكر ملامحك جيداً  الآن ... ولكن كل ما أتذكر  أني نسيت وغابت نفسي معك. 


- يعلم الله كم تفاديت كل الطرقات الأماكن ، المقاهي ، التي إرتدناها واعتدناها معاً

 حتى لا أتذكر عيناك .. صوتك ... عطرك

كامل و ذوبانى فى جميل حضورك أنذاك .


 - وعندما ذهبت أبحث عن حدائق ومدن جديدة،  لا أثر لنا فيها ...

 تاهت مني الخطوات وخانتني الخرائط وجغرافيا الأوطان 

وكلما ابتعدت عن أشياءنا وعبث الذكريات 

  أجدني أفتقدك أكثر  وأكثر  وأكثر

فأنت بكل الأماكن .....  إلا معي .


 - أيا حبيبي دعنا نعتذر من طقوسنا .. ومن ذلك العشق الذى اعتبرته أنا سرمدي وكفرت انت به ... 

دعنا نعتذر من لقاء فنجان القهوة، فقد تغير مذاقه وتغير مزاجي معه !!!


 تنهدت حورية مستجيرة بهواء جديد خالى من عبق حنين مازال يهاجمها عنوة ..

واتجهت نحو مرآة تحتل مدخل البيت.. تلك المرآة التى شهدت  وعكست صورتيهما معا حين كانت حورية تداوم على مشاغبته محتضنه ذلك  " المروان " دائما عند أستقباله ووداعه كطفل برئ وحدثت المرآه قائله بصوت مرتفع البكاء لتستنفذ كل الحنين فيها :

   - لربما نحن لا نسكن البيوت أو المدن ونحفر الذكريات فيها  ...

 بل نسكن إلى روحينا معاً ونحمل ذكرياتنا حية بجدار القلب .. 

- وشيعت مروان بنظرة غارقه فى متاهات العشق المكنون بلا أدنى رغبة في استعادته حياً بممرات العمر مرة أخرى : 

 " أينما هربت، أجدك هارباً معي ... أنت وروحي "

وابتسمت ابتسامة أنثى عندما يجتمع فيها كل النساء ....  

وهى تعيد خصلات شعر متمرد كالليل على كتفين بلون العسل الصافي بأصابع رشيقة نديه وهى تلتفت بأنوثة طازجة كالصباح الباكر

بشتاء رائع ، قائلة بنظره ماكرة : 

لربما نبدو أمام الجميع أننا قد انتهينا ... كَسره جفون عيونك ، إنحناء رأسك هرباً، محاولاتك للغرق بعلاقات غير مُجديه للبحث عن بعض مني في الأخريات 

أرى إنطافاءت روحك في بُعدي محاداثاتك مع ذاتك تصلني ،  تُرضيني تماماً

 وتفيض ...

 كما أعلم تماماً بأن ستُرتب لك الحياة موقفاً مُماثلاً في كل ما وهبتني إياه ...

فالسعادة التي لاتكتمل بوفاء الوعود ... تصبح  داخل الجسد عِلّة  .

ثم أستدارت معطية ظهرها للمرآه مبتعده

 وهي تدندن :

  لكني لم انتهي منك بعد ... يالمروان .

google-playkhamsatmostaqltradentX