اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

التدخل المبكر ودوره في إكتشاف الإعاقات لدى الأطفال

 التدخل المبكر ودوره في إكتشاف الإعاقات لدى الأطفال




كتب: حسني مبارك


تمثل الإعاقة قصورا أو عجزا في الأداء السوي للعمل الوظيفي الجسماني والعقلي لدى الإنسان وهي مشكلة صحية وإجتماعية ونفسية وتربوية وتختلف في شدتها ومضاعفاتها حسب الإعاقة ومدى تأثيرها في الفرد والأسرة والمجتمع .

فإذا كان لكل شيء في الحياة سبب فإن للإعاقة عدة مسببات، وهي إما أن تكون وراثية أو بيئية

الإعتلالات الوراثية تعتبر أهم أسباب الإعاقة حيث تسبب الإعتلالات الوراثية الناتجة عن تغيرات في المادة الوراثية إعاقات وأمراض مستعصية ومزمنة ينتج عنها خلل وتلف في أعضاء الجسم وقصور في أداء وظائفها الحيوية.

المسببات البيئية قد تكون مختلفة إما أن يقوم بها أحد الوالدين والتي قد تتسبب في نشوء الإعاقة ومن أمثلة المسببات البيئية الشائعة التعرض للأشعة الكونية أو التشخيصية كما يعتبر تناول الأم للعقاقير أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو بعدها سبب في ظهور الإعاقة وهو يعود إلى عدم وعي الأم بالمخاطر التي قد تضر بصحة الجنين وأيضا الحوادث وغيرها من مسببات الإعاقة .

ويعتبر التدخل المبكر من أهم أنظمة دعم الأسر ومرتبط إرتباطا وثيقا بإكتشاف الإعاقة بعد حدوثها ويعتمد علي الكشف النمائي والإختبارات البيئية والصحية والوراثية وعوامل تتعلق بالأم الحامل وبالجنين وبفترة الحمل وفترة الولادة ومابعدها كما أن المعلومات عن مدي إنتشار مشاكل الإعاقة والعوامل المصاحبة لها يمكن أن ترشدنا للأولويات والأسس الواجب إتباعها عند التخطيط لمواجهتها . 

إن التدخل المبكر معترف به عالميا كمجموعة من الأعمال الموجهة للوقاية والرعاية الإجتماعية للأطفال الذين يوجدون في وضعية الخطر أو الذين يظهرون إعاقة ما. لكنه في نفس الوقت مجموعة من التدخلات بهدف ضمان الشروط والاستجابة العائلية أمام ظروف في مختلف الأوساط الحيوية .

إن التدخل المبكر إنطلاقا من المباديء العلمية التي يتأسس عليها طب الأطفال وطب الجهاز العصبي وطب النفس وعلومه وعلم التربية والترويض الطبي وعلم اللغة كل هذا يرمي إلى منح الأطفال ذوي العجز أو المهددين بالإصابة به مجموعة من المواقف التفاؤلية والتعويضية التي تسهل النضج المناسب في جميع المجالات وتسمح ببلوغ أقصي مستويات النمو الشخصي والإندماج الإجتماعي.

إن وضع التدخل المبكر في الجهات المستقلة يشهد متغيرات هائلة وتفاوتا كبيرا نتيجة تعدد مستويات الإختصاص الموكول من طرف الإدارة المركزية لمصالح الجهات المستقلة. 

إن التدخل المبكر لا يمكن إعتباره مجرد نهج إلى إعادة التأهيل أو إجراء نفسي إجتماعي أو عمل تعليمي وإنما يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من عملية متكاملة تهدف أولا وأخيرا إلى تحقيق نمو الأطفال نموا منسجما ومتكاملا مع محيطهم ولتحقيق ذلك لابد من أن تتوفر للتدخل المبكر مستويات مرضية من الكفاءة والجودة.

تعريف التدخل المبكر

هو مجموعة من التدخلات الموجهة للأطفال الذين يتراوح سنهم من 0 إلى 6 سنوات وللأسرة وللمحيطين بهدف الإستجابة في أسرع وقت ممكن للإحتياجات المؤقته أو الدائمة التي يحتاجها الأطفال ذوي الإضطراب في النمو أو الذين هم في خطر الإصابة به. وهذه التدخلات التي يجب أن تتعامل مع الطفل ككل يجب أن يتم تخطيطها من طرف فريق من الأخصائيين في التوجيه المتعدد أو المتجاوز الإختصاصات.

· أهمية ومبررات التدخل المبكر

إتفق معظم العلماء والباحثين على عدة مبررات قوية تدل على أهمية التدخل المبكر يمكن تلخيصها في الجوانب التالية:_

* إن مراحل النمو الأولية تعتبر ذات أهمية بالغة في نمو الطفل وتكيفه وهذا ما أكدته جميع نتائج الدراسات والأبحاث مما يجعل التدخل المبكر في هذه المرحلة يسهم في تنمية قدرة الطفل العقلية والحركية ويحسن السلوك الإجتماعي والإنفعالي عنده.

* إن توفير برامج التدخل المبكر يقوم بتخفيف أو منع الإعاقة وهذا يؤدي إلى تقليل الجهد والتكلفة المادية المتوقعة على تقديم خدمات تربوية متخصصة.

* إن التشخيص المبكر والتدخل بالرعاية والتأهيل في مراحل مبكرة يسهم في تقليل المضاعفات الناتجة عن الإعاقة أو الحد منها فالإعاقة الوراثية مرض مزمن والرعاية في أغلب الحالات لا تصل إلى مرحلة الشفاء. 

* تشير نتائج الدراسات والأبحاث إلى وجود فترات نمائية حرجة خاصة في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل حيث يكون الطفل أكثر عرضة وحساسية وتأثرا بالخبرات المحيطة وبالتالي فإن تقديم خدمات مبكرة يمكن أن يطور الأنماط الأولى من التعليم والسلوكيات التي تعتبر في حد ذاتها قاعدة رئيسية لجميع مهارات النمو اللاحقة.

* أهمية المؤثرات البيئية والمتغيرات المحيطة في تشكيل عملية التعلم خاصة أن القدرات العقلية غير ثابتة في مرحلة ما بعد الولادة مباشرة فالنمو ليس نتاج البيئة الوراثية فقط ولكن البيئة الإجتماعية تلعب دورا حاسما لذلك فإن تزويد الطفل بالخبرات المبكرة سيساعد في تنمية قدراته المختلفة فالتعليم في السنوات المبكرة أسهل وأسرع من التعليم في أي مرحلة عمرية أخرى.

* في حالة عدم توفر برامج الرعاية المبكرة فإن ظروف الإعاقة وحالات الأطفال المعرضين للخطر يمكن أن تؤثر بطريقة سلبية على تعلم الطفل وتنمية قدراته.

* يحتاج الأهل إلى مساعدة مبكرة ومتخصصة لتكوين أنماط بناءة ومنظمة من العلاقات الأسرية مع طفلهم كي يستطيعوا تزويده بالرعاية الكافية والإثارة والتدريب في تلك الفترة النمائية الحرجة فالمدرسة ليست بديلا للأسرة والأباء هم معلمون لأطفالهم ذوي الإحتياجات الخاصة.

* إن تدهورا نمائيا قد يحدث لدي الطفل ذوي الإحتياجات الخاصة بدون التدخل المبكر قد يجعل الفروق بينه وبين أقرانه الطبيعيين أكثر وضوحا مع مرور الأيام.

* تتداخل مظاهر النمو حتى يمكن القول أن عدم معالجة الضعف في أحد جوانب النمو حال إكتشافه قد يقود إلى تدهور في جوانب النمو الأخرى.

ولقد شهدت العقود الماضية تطوير نماذج مختلفة لتقديم خدمات التدخل المبكر للأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة الصغار في السن والأطفال المعرضين للخطر.

مبادرة الصحة النفسية لذوي الإحتياجات الخاصة


google-playkhamsatmostaqltradent