من هو صديقي؟
بقلم : أمير محمد رشاد
استوقفني قول الله تعالى في سورة الزخرف
"الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"
فتساءلت كيف يكون الأخلاء أي الأصدقاء أعداء لبعض يوم القيامة
ألم يتعاهدوا على السير معا في الدنيا وفي الآخرة!
ما الذي حدث بينهم حتى يصيروا أعداءً ؟!
فوجدت أنها قد ذكرت في التفسير الميسر أن الأصدقاء على معاصي الله في الدنيا يتبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة، لكن الذين تصادقوا على تقوى الله، فإن صداقتهم دائمة في الدنيا والآخرة.
وما أجمل ما ذكر في تفسير الوسيط حيث قال سمي الأصدقاء أخلاء لأن المودة التي بينهم تخللت قلوبهم واختلطت بنفوسهم.
حالهم عجيب تصادقوا على الحب في الدنيا وعلى النصح لبعضهم فصاروا في الجنة إخوانا
لذلك تعالوا بنا نتساءل
من هو صديقنا في الدنيا؟
صديقك الذي يحفظ سرك، ويستر عيبك، وينصحك برفق عن خطأك، يتمنى لك الخير، يشاركك تفاصيل يومك، وإن أصابتك مصيبة كان معك لا يدعك.
سيدنا عمر بن الخطاب قال لا تصادق إلا أمين ولا يأكل طعامك إلا تقي.
وموقف جميل يدل على الصديق الحقيقي الذي لابد أن تبحث عنه.
تعالوا بنا لنرى هذا الموقف
مرض الإمام أحمد رحمه الله ذات يوم ولازم الفراش، فزاره صديقه الإمام الشافعي رحمه الله، فلما رأى عليه علامات المرض الشديد أصابه الحزن؛ فمرض الشافعي أيضا، فلما علم الإمام أحمد بذلك.. تماسك نفسه وذهب لرؤية الشافعي في بيته.
فلما رآه الشافعي قال:
مرض الحبيب فزرته
فمرضت من آسفي عليه
شفي الحبيب فزارني
فشفيت من نظري إليه
ما أجمل هذه الصداقة وهذه المحبة الذي حين مرض صديقه مرض لمرضه وحين رآه معافا تعافى لأن صديقه بخير.
ورجل حكيم يسأله ولده وقد بلغ السبعين من عمره، بما خرجت يا أبت من هذه الحياة، قال: خرجت بصاحب ونصف صاحب!
فسمعه الخليفة فتعجب من قوله، فقال: ائتوني به، واسأله عن قوله هذا، فقال له: قل إن فلانا سرق خزينة الأمير وسأخبرك.
فوقع الحكم على رجل وأمر به ليقتل، فجاءه رجل قال له: هل تراني قصرت معك يوما؟
هل تراني اسأت إليك يوما؟
بم تأمرني من بعدك؟
وقال كلاما يبرأ نفسه من المسؤولية.
وجاء رجل يسرع السير فقال: أنا الذي سرقت الخزينة هذا بريء
(مع العلم أن الخزينة ما سرقت)
فقال الحكيم: أما الذي جاء ليضحي بنفسه فهذا هو الصاحب، وأما الذي جاء ليتحدث فهذا النصف صاحب!
فلابد أن تعلم من هم أصحابك في هذه الحياة ومن هم أنصاف الأصحاب.