اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

 مابين الفَوضَى وبراح المَرفَـأ  



 مابين الفَوضَى وبراح المَرفَـأ  




بقلم : منال خليل


- كان "مَالِك" يكره تلك النوبات البائسة من الحنين التي تهاجمه صباحاً وكأنها طائر ينقر ويخدش بنافذة أعماقه ويهد كل ما بنى من حوائط و جسور الصبر والصد بلا توقف ، يستفز فيه القلب والخلايا بالعوده ومحاولة القضاء على فقر اللقاء وعقم الفراق .

كان وحيدا في قلب الصخب والجموع  وحيدا بين أشيائه  بين ذاته ونفسه.
 
وكأنه بغياب " بَراَح " أنقسم لشخصين بكل الأشياء والأختيارات .
قلبين،  واحد يشتاقها ويتمناها والآخر يقطر حزناً وحسرة يتناوبا عليه الحب والحرب .


وعقلين، عقل تائه غارق بالدموع يخنق الهواء بصدره 
طرفة عينه تخمش جفونه كلما تجسد طرف خيال "براح" عنوة بمكر شديد القسوة بذاكرته .. أعترافاته تتساقط وتتهاوى بالرغبة في قُرب هادر بمنتصف ليالي تعدو به غاضبة 
وكأنها عقاباً يكبل روحه من الانطلاق في سماء غابت فيها نجوم أحاديثهم  وإحتجب قمر الوصال فيه  عامداً .

ـ وعقل آخر مُكابر مُستأسد،  أسير الأنتقام و الرغبة في هجوم ضاري عليها ليَلتَهِم فيها كل ما طحنته ومزجته فيه، من ذكريات وعادات وومضات عشق لا يغتفر .

ثم يعود بلحظة غادرة  هامداً لنفس النقطة بأول المسافات والطُرق ..  ليسمع بداخله زئير مستكين نادم حائر  خائف من أيام متشابهة تعدو من خلاله ولا تمر به.

 يقابل الآخرين بإنفراجة شفاة كالضحكة ولكنها بلا صوت وغير معنية بابتسامة روح ليس لها علاقة بالحياة !!
ـ مجرد فكره أختفاء براح من حياته تُحيي فيه ذلك الطفل اليتيم المنطوي بأرض غريبة ولو كانت موطنه .. الألوان كلها امتزجت بعينه وتحولت للون واحد باهت لا يصلح لرسم أيام .

وأحلام لغد صباحه مؤجل، شمسه عليله 
مع فنجان قهوة بارد المذاق .. 
كان "مالك" يصارع الواقع والمشاعر  والاحلام  التي تلطمه على قلبه وتأخذه بأمواج متلاحقة مابين التجارب وعقم الاختيارات والمتاح .

والفرضيات بشرود وعشق غريب
كف يده يفتقد للمسة يد أصبحت غير مُستحقة أراد أن يفلت منها ولكنها هي من أفلتت به .
أثناء بحثه اللانهائي المزعوم  عن سلام نفسي مفقود وإن كان مفقود بفعل فعله هو .

 ـ  وكيف يكون السلام إذن !! 
 و " براح " تتكأ مُنتصبة  على جدار ذاكرة الروح فيه، مُطمئنة واثقة الأنوثة
 والفطرة، مُنطلقة الشَعر.. قابضة على مفردات العشق ، تلهو و تمرح ليلاً وتدق على مفاتيح رجولته بأصابع طويلة ناعمة وأظافر مَطلية  تشاغب الطفل فيه وتَطوي مخاوفه  بمنحدرات العمر والفرح الهارب 
كانت شهية المشَاعر كحبة كرز لامعة حافية القدمين، كشاهد على كل آثامه في مُنعطفات الحب .

- ولكن مالك كان يبحث عن مزيداً من الأمنيات والقصائد.. ومزيداً من النساء ليبحر بعيداً في غياب ملء الكون
ـ فقد كانت "بَراح" هي المرفأ الذي يأبى ويخشى أن يستوطنه .

ولكنه كان يرتحل بين رحب عينيها ويخفى شوقه بصخب ثرثرة ليالي فارغه إلا من البديلات وفوضى أيامه .
google-playkhamsatmostaqltradent