عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة: غايتنا من المؤتمر جمع كلِّ الفرقاء على مائدة البحث العلمي
متابعة _ ياسمين أحمد المحلاوى
رحب الأستاذ الدكتور غانم السعيد، عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة، ورئيس المؤتمر في بداية كلمته بالسادة ضيوف المؤتمر العلمي الدولي للكلية، وأشار إلى أن هذا المؤتمر يأتي مواكبًا لمسيرة الأزهر الشريف، فهو يُحلِّقُ على امتدادِ تاريخِهِ الطويلِ بجَنَاحَيْنِ في حياتِنا العلميةِ والثقافيةِ، جَنَاح يَحْتَضِنُ التراثَ ويرعاه؛ حفظًا وتحقيقًا ودراسةً، وجناح يَحْتَضِنُ العلومَ التطبيقيةَ؛ كالفلك والطِبّ والهندسة وغيرها، لافتًا إلى أنه لما هبَّتْ رياحُ النهضةِ الحديثةِ كانَ طلابُ الأزهر همِ عُدَّتَها وعَتادَها؛ فقَدْ أرسلَ محمَّد عليّ المتميزينَ منهم إلى أوروبا؛ لدراسة شتَّى العلومِ التطبيقيةِ.
كما أوضح عميد الكلية أن رياحَ الحداثةِ هبَّت على مصرَ في العقود السابقة، وكان منها العاصفُ والهادئُ، وقد طالتْ كلَّ العلومِ والمعارفِ، وبخاصةٍ علومُ اللغةِ العربيةِ؛ الأدبُ، والبلاغةُ والنقدُ، واللسانياتُ والتاريخُ، وتعدَّدَتِ المناهجُ الحَدَاثيَّةُ في دراسةِ هذه العلوم، منها: البنيويَّة، والتفكيكيَّة، والسيميائيَّة، والتداوليَّةٍ، وأحْدَثَتْ تلك المناهجُ الوافدةُ صخبًا وضجيجًا في حياتِنا العلمية.
وأشار غانم السعيد إلى أنَّ المتخصصين قد انقسموا حولَ هذه المناهج إلى فريقين؛ فريق رأى وجوبَ تطبيقِها على تراثِنا كما وَرَدَتْ في مصادرِها الأصيلة، وآخَرُ تَصَدَّى لهذه المناهجِ بكلِّ قُوَّةٍ وشِدَّةٍ، رافضًا ذكرها على الألسنةِ، لِمَا رَأَى فيها من تَجَرُّئٍ على المُقَدَّس؛ قرآنًا وسنةً، لافتًا إلى أنّ الضرورة قد اقتضت - في ظلِّ هذا الخلافِ- أن يظهرَ فريقٌ ثالثٌ يَشُقُّ طريقًا وَسَطًا بينَ الفريقَيْنِ، فكان الأزهرُ ممثلًا في كلياتِ اللغةِ العربيةِ وأقسامِ اللغةِ العربيةِ في كلياتِ الدراساتِ الإسلاميةِ والعربيةِ للبنينَ والبناتِ قاطرة هذا الفريق.
كما أكد الدكتور غانم على أنه من الواجب على أمَّ الكليات؛ كليةِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةِ أنْ تقومَ بدورِها في جمعِ كلِّ الفرقاءِ على مائدةِ البحثِ العلميِّ؛ للتأكيدِ على المُتَّفَقِ عليه، والنَّظَرِ في المُخْتَلَفِ فيه والتَّحاوُرِ حوْلَهُ، فإنِ اتُّفِقَ على شيءٍ منه تَمَّ تطبيقُهُ، وما بَقِيَ الخلافُ حوْلَهُ يَظَلُّ مَحَلَّ نَظَرٍ وبحث، أمَّا ما يَمَسُّ ثوابتَ الدينِ فغيرُ مسموحٍ بمناقشتِهِ أو الحوارِ حوْلَهُ.
وفي ختام كلمته تقدم عميد الكلية بالشكر والتقدير إلى فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ، الأستاذِ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على رعايته لهذا المؤتمر؛ مشيرًا إلى أن فضيلته- حفظه الله تعالى- هو الدافع لنا نحو ولوج ميادينِ الحداثةِ بإقدامٍ وشجاعةٍ؛ كي نفهمَ مناهجَها، ونُمَيِّزَ الصالحَ من الطالحِ منها، وما هذا المؤتمرُ في حقيقتِهِ إلا ثمرة من ثمَرَاتِ توجيهاتِ فضيلتِهِ وإرشاداتِهِ.