" نقطة ضوء "
بقلم منال خليل
- هناك مرحلة من المراحل تمر بالإنسان الذى يفكر كثيرا ، يحلل الأمور كثيراً
ذو المشاعر الفياضة المعطاء بطبعه ومرهف الأحساس، السليم النية وصرعته الظروف والحياة
- الذي تعرض لأزمات قاسية و هزات متتالية ولم يتوقف أثنائها ليحزن تمام الحزن أو كان لا يملك رفاهية التعبير و تفريغ تلك الشحنات الغاضبة
في تلك المرحلة يفقد الشخص فيها الرغبة في انتظار قدوم الغد أو تعاطي الأحلام....
مرحلة كالعدم تتساوى فيها كل المشاعر ومحاولات الإحساس بالسعادة أو الشجن المباغت من حزن ما تصبح سواسية
- مرحلة تكون فيها الأخبار السيئة دائماً متوقعة
فلم يعد يشعر فيها بالضيق أكثر من اللازم..
لا يفاجئه الخيبات من أقرب البشر أكثر من اللازم ..
كل التوقعات مطروحة وعادية ..
تمر عليه المواقف و الأحداث وهو يستقبلها ببرود هائل وكأنه تجمد عاطفياً وأبعد مايكون عن جميل وأصيل خصالهُ ... نصف روحه فارغ والنصف الآخر تستولى عليه الرغبة فى الفراق.
- الوقت والزمن يمر عليه كل لحظة بلحظتها .. بدون تفاعل مع الأحداث، غير فارق ماذا سيحدث فى اللحظة القادمه أو ماهو آت !!
- يصل الشخص فيها
لمرحلة فقدان الشغف و المبادرة و القدرة على التواصل مع الآخرين .
ـ ذكرى ميلاده ليست للأحتفال ..
الأعياد والمناسبات للنوم والتوقف عن مظاهر الحياة
صوت رنين الهاتف يزعجه .. ضوء الشمس يؤلم عيناه
أنعكاس صورته و عيونه صدفة بالمرآة فاضح و غادر .. وأحيانا جارح ..كما لو أنه يرى شخص آخر لا يحبه وأحيانا يمقته.
ـ الكلام والمفردات والتعبيرات تقل كما لو أنه بيفقد النطق تدريجيا،
حاسة السمع كما لو أن أصابها التلف أو نوع من الصمم الاختياري ...
ينتابه حاله من العدم وكأنه جماد لا عنده أحتياج لان يتحدث أو يسمع ..
ينظر و كأنه لا يرى ، صامت و الحديث بداخله صاخب لا يتوقف .. تدور معارك طاحنة بين عقله وقلب يدق مغصوباً..
- ملامحه تبدو هادئة طبيعيه بين الجميع
ولكن بدون تعبيرات وجوديه
حركة جسده بطيئة والضحك مُرهق وأبتسامة المجاملة يعقبها دمعة لا تخفيها الجفون ،
يتحرك كالآله مظبوط ذاتياً كأنه أصابه نوع من أنواع التوحد ....
_ الوحدة هنا تكون صديقه المفضل ولكنها حقيقة فخه الرهيب
يشعر أنها تحتويه بشكل أفضل وتدريجيا حتى تستولي عليه كلياً.... وكأن العمر والدنيا ليس فيهما متسع له ... تضيق حلقة الفراغ النفسي وتطبق على منطقة الحلق والانفاس..
ومن الممكن جداً أن تاخده هذه المشاعر لمنطقة الخطر و بعيدة جدا لايوجد فيها نقطة عودة وكأنه أنضم لموكب الراحلين .
ـ هنا يحتاج المرء لصحبة صادقة أو حب عظيم وشريك أعظم متفهم حنون وربما قد مر بمثل هذه المرحلة قبلاً .. به من الرحمة مايكفي لأحتواء الآخر بكل انهزاماته وضعفه ، ومدرك لما يدور بداخل هذا الصامت من مطحنة تمضغه مضغاً ..
فيأخذه من أغوار نفسه ويربت على روحه وقلبه ليعود به بهدوء رائع ثانية للحياة..
- انسان كنقطة الضوء يتسلل لداخل ذاته تدريجيا ليستجمع المتبقي منه ويرممه ويعودا معا لأقرب ذاوية أمان وحب
لتبدء فيها الروح للتواصل مع مجريات الحياة من جديد .
هذا الشخص أو الشريك يأتي كنعمة من الله .
.