اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

العزلة الصحية والمرضية .. رؤية بقلم : مصطفى العموري

 العزلة الصحية والمرضية



            رؤية بقلم : مصطفى العموري           


هناك فرقٌ كبيرٌ بين العزلة الصحية والمرضية، في المنعزل الايجابي الذي اضطرته الظروف او الضغط او الفشل في تجربة او الصدمة في من حوله ينعزل  ليلملم شتات نفسه كي ينجو بمفرده من اي محنة دون الاتكاء على احد ويكرر بكل عزم وإرادة  محاولاته ومراجعة نفسه وتصحيح مساره حتى يصبح بخير .. وهنا العزلة تكون كإستراحة المحارب لخوض معركة جديدة بكامل النشاط والطاقة وايضا تكون للتأمل والتفكير والتخطيط الجيد   والنظر في اسباب الفشل و عوامل القوة والضعف  ليتحقق النجاح والنصر .. 


ولكي تمر المحنة يجب ان تتسع افاق فكرك لتدرك اننا جميعا ضعفاء فمعظمنا يعاني من نقص او قصور  في جانب معين   وكلنا نخطئ وليس عيبا ابدا أن نضعف أو نخطىء  .. لأن ضعفنا و أخطائنا هي من تصنعنا و هي من تجعلنا ننضج و نتعلم وننطق بالحكمة و الصواب عندما نتكلم ونتفادى زلاّت جديدة او سقوط اخر حتى لا نتألم فتتحول بذلك المحنة الى محنة تضيف الى تجاربنا وخبرتنا بالحياة .. ولا تخجل ابدا من أخطائك و عيوبك  فأكبر العيوب هو ان تكون عيناك لا ترى سوى أخطاء الناس وعثراتها  بينما الأصح لك أن  تستفيد من أخطاءك وتواجهها وتصلح ما يمكن إصلاحه منها و تقبل فكرة ان الإنسان غير كامل مهما حاول  ادعاء الكمال ..  


ما أسعد ذاك الإنسان المتصالح مع نفسه المتقبل لعيوبه المحاسب لضميره المصلح لذاته، الشخص الغير آبه أبدا لعيوب غيره المركز على مساره في الحياة و دربه  وحياة الاخرين تكون هي آخر همه .. ولكن هناك امر يجب ان تضعه دوما محل الاهتمام والتركيز  وهو الا تطيل في عزلتك او تنجرف وراء افكارك فتبتعد عن الواقع وتسقط فريسة لاوهام وخيالات .. عليك ان تكون سريعا قدر الامكان و واقعي في مراجعتك لكل ما حدث ويحدث  فلا يكن جلدا للذات ولا تبحث ايضا عن شماعات لتعلق عليها اخطائك  بل كن عادلا وسطا  منصفا لذاتك .. وعليك ان تتحلى بامرين القوة والمرونة .. 


القوة لم تعنِ يومًا أن تكون قاسيًا فظا عديم اللطف و متبلد الشعور  إنما هي القدرة على الالتئام بعد الجرح  و سلامة الصدر بعد الظلم و القهر  و الحب رغم الألم  و اتساع الأفق بعد الخيبة  و الصعود مجددًا بعد السقوط .. و الأهم من ذلك كله ألا تخسر شعورك بالحياة و الأمل لمجرد أنك تعرضت لأزمة مافي حياتك ..

و المرونة في التعامل حكمة  اما المرونة في المبادئ نفاق  ... فٱجعل ظاهرك كباطنك ما استطعت، فإنه كلما زاد الاختلاف بينهما زاد اختلالك وعذابك ، وقل احترامك لذاتك، واحترام الناس لك .. 


.. اما العزلة المرضية فيكون  المنعزل أقرب إلى التكبّر او شخص يُسلط نظره على الجوانب السوداء والمظلمة فقط سواء لكل من حوله او لنفسه  وعليه يقوم بتكوين رؤية تبيح له كل الأفعال السيئة مع نفسه ومع من حوله فيتحول الى شخص مريض بدون ان يدري وكأنّه ينفي تحوله إلى شخصٍ معقدٍ يرمي المقربين  بحطامه ولا يلوم نفسه ابدا  ولا يراجع نفسه او يفكر في اسباب نجاحه او فشله فلا يريد أن يكون بخير ولا أن يظل الآخرون حوله بخير  ولا يندمج او يتقبل اي حوار او نقاش او مجالسة احد الا جدران غرفته .. 


و هذه هي العزلة المرضية الهدامة .. كالذي استسلم وبدأ يفكر في مبررات وحجج ربما تقوده الى العلل اوالمرض سواء كان جسدي او نفسي فهو يرفض ان يفهم نفسه او يراجعها بل الاسهل النظرة السوداوية والقاء اللوم على كل من حوله ليهرب من تكبد الجهد والعناء او المواجهه .. هو  يبحث عن اسباب وليس عن حلول .. فقط يبحث عن شماعات .. وهذا هو قمة الجبن والفشل وما هو الا هروبا من الواقع .. 


ان مَن يتغلّب على رغباته وهزائمه  أشجع ممن يهزم أعداءه  لأن أصعب انتصار هو الانتصار على الذات .. و إحذروا   فقطار الحياة يمضي بسرعة جنونية لا تمنحك فرصة العودة للخلف كل ما هو متاح لك هي فرص لتتوقف في محطة المراجعة ثم تنطلق من جديد .. عزيزي .. المواجهة دوما هي الحل اما الهروب فهو السبب الوحيد في الفشل  لذا فإنك تفشل طالما انك تتوقف عن المحاولة فدوما حاول وبلا توقف .. 


وفي كل مرة .. اعد التفكير و قبل كل محاولة ايضا  لكي تتعرف على اسباب الفشل وتحاول تجنبه او التغلب عليه .. ونصيحة يا عزيزي لا تتعلق كثيرا بمن حولك ولا تفرط في العشم ولا تتوقع منهم الكثير  حتى لا تخسرهم او تخسر نفسك .. فقط حاول ان تبقي على الحب والمودة بداخلك .. فنحن  احياء  بقدر  ما  في  قلوبنا  من  قدرة  على  الحب والاستمرار في  زيادة  القدرة سواء حب الناس او حبك لشخصك  .. لن يكفيك دفء أحضان العالم مُجتمعة لتشعر بالأمان ما لم تحتضن نفسك من الداخل .. كن مسالماً مع جوارحك وجروحك  لأجلك انت . ينقصك الكثير حتى لا تشعر بالوحدة ...ليس الكثير من الناس و لكن الكثير من الصدق و الوضوح مع نفسك حتى تثق فيك نفسك و تأنس بوجودك معها .. 


واعلم ..‏ ليس كل من يواسيك لا جرح عنده ... و لا كل من يعطيك يملك أكثر منك ... الإيثار ليس إيثار متاع و مال فحسب  ... فقد يشاطرك أحدهم آخر زاده من الصبر ... و يهبك ما تبقى في قلبه من أمل ...  و يقتسم معك آخر ابتسامة قبل أن ينفرد بحزن طويل ..   فأحسِن استقبال الود دوما فإنه ثمين .. ‏إذا تمكَّن كل واحد منكم من فهم أن مهمتك هي إيجاد التناغم مع ذاتك وأن ما يفكر فيه الآخرون بشأنك لا يهمّك على الإطلاق، فستصبحون جميعًا أكثر سعادة وستكونون أكثر قيمة بالنسبة للآخرين .. 


حاول وتاقلم يا صديقي فأنت تعيش  وسط اناس بعضهم يمكن ان يعاتبوك على أبسط تصرفاتك.. أما على تصرفاتهم لا عين تبصر و لا أذنٌ تسمع  و لا ضمير يشعر  انها المسافة الهائلة بين التجربة و الكلمات بلا دراية او خبرة  .

ولكي تنجح دوما عليك بسلوك الطريق المستقيم الصحيح والابتعاد عن الطرق الملتوية ورؤية الخطأ قبل الصحيح و الحرام والحلال في كل ما تفعله وتجنب الحرام والابتعاد عنه .. كلما يتعثر حظك سوف تكتشف في النهاية إنه خير لك ..وكلما أصابتك الخيبة وفقدت أشياء مهمة .. ستجد أروع منها .. وعليك بامرين اولهما الرضا والحمد وثانيا الثقة واليقين .

في بعض الأحيان قد تمر بك أقدار صعبة  مؤلمة  وقد تكون طويلة .. قد تبكي أو تتألم أو تشعر باختناق  لكن تيقن وكن على ثقة أنك إن رضيت عوضك الله واعانك على تجاوز تلك المحنة .. .. الحياة رحلة قصيرة يعبرها بأمان من أحسن .. سواء  لنفسه أولمن حوله .. ويحاول التغلب على عثراتها و عندما يفهم القلب أن كل الأمور بيدِ الله يهدأ كثيرا ويرتاح ويتبدل الخوف و القلق الي سكينة وطمأنينة ..

ان لم تكن سطراً مفيداً غادر الحضور وإن لم تكن حرفاً انيقاً أترك الجمهور كن صوتاً نقياً لاتكن نقطة بنهاية السطور  وكن فاصلاً قوياً تحتاجها ببعض الأمور فبعد كل نقطة يصعب العبور  وبعد كل فاصل دوما تمتد الجسور .


google-playkhamsatmostaqltradent