اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

د . يوسف عامر ... الأزهر الشريف هو الحارس على تراث الأمة

 د . يوسف عامر ... الأزهر الشريف هو الحارس  على تراث الأمة 



متابعة : ياسمين أحمد المحلاوى


 قال الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف في مجلس الشيوخ  المصري ، نائب رئيس جامعة الأزهر السابق لشئون التعليم والطلاب: إن الحديثَ عن دورِ الأزهرِ الشريف في الحفاظِ على الهُوِيَّةِ الدينيةِ أمرٌ ليسَ بالهيِّن، وإنَّ الحديثَ عن واقعِ الأزهرِ الشريفِ والمأمولِ منه في الحفاظِ على الهُويةِ جزءٌ لا يتجزأ من تاريخه الطويلِ الذي امتدَ إلى أكثرَ من ألفِ عام، حيثُ كان ولا يزالُ حارسًا أمينًا على تراثِ الأمة، دقيقًا في نظرتِهِ للعلوم، آخذًا بالمنهجيةِ الصحيحةِ في دراستِه، حريصًا على تدرسيه وتبليغِ رسالتِه بالحكمة والموعظة الحسنة، ألفُ عامٍ وهو مُضْطَلِعٌ بهذا الميراثِ النبوي الكريم، وُصولًا إلى هذا الواقعِ الذي يُجَسِّدُ لنا هذا الدّوْرَ التاريخيَّ العظيم.

   وأوضح عامر خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي الأول لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات جامعة الأزهر بمحافظة بني سويف، والذي يقام تحت عنوان: «دور الأزهر في الحفاظ على الهوية الإسلامية والدفاع عن ثوابت الدين» أنه لا شك أن أساسَ الحفاظِ على الهُوية الدينيةِ مرتبطٌ بالعلم، فدينُنا الحنيفُ قائمٌ على العلم والمعرفة؛ ولذلك فقد أَوْلىَ الأزهرُ الشريفُ عنايتَهُ الكبيرةَ بالعلومِ الإسلامية كُلِّها التي تصنعُ وعيًا عميقًا، وعيًا رشيدًا، وفهمًا سليمًا، وحضارةً حقيقيةً، وتعاملًا صحيحًا مع مُـجْرَيَاتِ الواقعِ المختلفةِ، وذلك من خلال الاهتمامِ بعدة جوانبَ أساسيةٍ: الاعتناءُ الكبيرُ بدراسة علومِ الآلة، تقريبُ العلوم، الاعتناء التاريخي بفتحِ أبوابِهِ لطلاب العلمِ من شتى بقاعِ الأرض، التأثيرُ في تشكيل شخصيةِ المسلمِ في كافةِ البُلْدَان، التصدي العلميُّ الرصين للتيارتِ المنحرفةِ والمتطرفةِ، متابعةُ الواقعُ.

أولاً: الاعتناءُ الكبيرُ بدراسة علومِ الآلة: وهي التي تُمكِّن الطالبَ من قراءةِ الكتابِ والسنةِ والتراثِ قراءةً صحيحةً، وتفتحُ له آفاقَ الإبداعِ القائمِ على القواعدِ الرصينة، وتصونُه من الانحرافِ في الفهمِ والسلوكِ. 

وأولُ هذه العلوم والتي تميزَ الأزهرُ في تدريسِها: علومُ اللغةِ العربيةِ وفُنونُها، فالعربيةُ هي لغةُ القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبوية المطهرةِ، وبدونِ التمكُّنِ من علوم اللغة لا يمكن فهمُ الوحيَين الشريفينِ فهمًا صحيحًا، ونحن في هذا العصر نشاهدُ كثيرًا من الأفكار المنحرفةِ التي يعودُ سببُ انحرافِها إلى الجهل بهذه العلوم، ولذلك أولى الأزهرُ العنايةَ الفائقةَ لعلومِ النحوِ والصرف والبلاغة والإنشاء والمعاني والبديع والعروض وسائر علوم اللسان، وشجَّعَ على تنميةِ قدراتِ أبنائه في الفهمِ والإبداعِ اللُّغوي ليزدادوا عمقًا في فهم دينهِم، واقتدارًا على ردِّ كلِّ دخيلٍ وغريبٍ على الدينِ من جهةِ اللغة، مشيرا إلى أن  الأزهرُ الشريف اعتني  بعلومٍ يفخرُ المسلمون بعدم سَبْقِ غيرِهِم إليها، مثلَ: علومِ الحديثِ وعلمِ أصولِ الفقه، وقد جعلها الأزهرُ الشريفُ من مقرراتِه الثابتةِ، فعلومُ الحديثِ هي التي تمنعُ العقلَ من أنْ يقبلَ الخبرَ إلاَّ بعد التأكدِ من صحتِهِ، وذلك من خلال معرفةِ أحوالِ النقلةِ وقواعدِ القبولِ والردِّ للأخبار، والتي كانت صمامَ أمانٍ من أن تكونَ الأخبارُ المكذوبةُ والخرافاتُ جزءًا من مكوناتِ هذا الدينِ العظيمِ. أما أصولُ الفقهِ فهو أيضا إحدى مفاخرِ الإسلامِ وبه تُدْرَكُ أصولُ فهمِ النصوصِ الشرعيةِ وتحليلِها واستنباطِ الأحكامِ الشرعية؛ ليُعْرَفَ الحلالُ والحرامُ وَفقَ القواعدِ، وهذا العلمُ الدقيقُ مما اشتُهِر الأزهريون على مرِّ العصورِ بمزيدِ التمكُّنِ فيه. وكذلك اعتنوا بكل العلومِ الأخرى كعلومِ القرآنِ والتفسيرِ والفقهِ والتوحيدِ والمنطقِ وفقهِ الحديثِ وسائرِ العلومِ التي تُغطّي جوانبَ الشريعةِ الإسلاميةِ. 

ثانيًا: لم يقتصرْ دَوْرُ الأزهرِ الشريف على دراسة هذه العلومِ من كُتبِ السابقين فقط للحفاظِ على الهوية، بل عَمِلَ الأزهرُ على تقريبها من خلال التآليفِ الكثيرةِ بطرقٍ مناسبةٍ لكلِّ عصرٍ، فألَّفوا المختصراتِ المناسبةَ للمبتدئِ والشروحَ والحواشيَ والمنظوماتِ وغيرَ ذلك، مما أسهمَ بشكلٍ كبيرٍ جدًّا في انتشارِ العلمِ الصحيح، ليكونَ ذلك عاملاً قويًّا في الحفاظ على الهُوية بطريقةٍ عِلميةٍ مُؤَصَّلَةً. 

ثالثًا: لقد كانت عالميةُ الأزهرِ الشريفِ من أهم الأسبابِ التي جَعَلَتهُ محافظًا على الهوية الدينيةِ على مستوى العَالَم، وليس في الداخل المصري فحسب، وذلك من خلال اعتنائِه التاريخي بفتحِ أبوابِهِ لطلاب العلمِ من شتى بقاعِ الأرض، حيث يَتَلَقُّونَ العلمَ الصحيحَ في رحابه، ثم يعودون إلى بلادِهم دُعاةً ومبلِّغينَ ومعلِّمين، وقد تحملوا مسئوليةَ الحفاظِ على تلك الهويةِ التي رسَّخها الأزهرُ الشريف في قلوبهم. وعليه أثّرَ الأزهرُ في تشكيل شخصيةِ المسلمِ في كافةِ البُلْدَان.

رابعًا: إن قضيةَ الحفاظِ على الهويةِ تقتضي متابعةَ الواقعِ، والنظرَ العميقَ في القضايا المختلفةِ، وقد تميزَ الأزهرُ الشريفُ في تفاعُلِهِ الدائمِ مع كُلِّ القضايا المتعلقةِ بالإسلام وأحكامِه وصورتِه في العالم، وبأحوال المسلمين في شتى البقاع، ولا سيما مع القضيةِ الأمِّ "قضية فلسطين"، وما يتعلقُ بالمجتمعاتِ المسلمةِ في عديد من الدول. 

خامسًا: كما أنّ من أبرزِ مظاهرَ حفاظِ الأزهرِ على الهوية في هذا الواقعِ هو هذا التصدي العلميّ الرصين للتيارتِ المنحرفةِ والمتطرفةِ – إفراطًا وتفريطًا.

كما أوضح عامر أن الأزهر الشريف  تصدى للجماعاتِ التكفيريةِ المتطرفةِ، وفَنّدَ أفكارَها المغلوطةَ التي خدعوا بها كثيرًا من الشباب تحت مسمى الشريعة، وتَعرّض كثيرًا من علمائه جراء ذلك للتشويه، وتعرضت حياةُ بعضِهم للخطر، بل يُسجّلُ لنا الواقعُ والتاريخُ القريبُ استشهادَ غيرِ واحدٍ من علمائه بسببِ مواجهتِهم الفكريةِ لتلك التياراتِ المتطرفة. وفي المقابل تصدى الأزهرُ أيضًا للأفكار المتطرفةِ التي تعملُ على نشر الانحلالِ من أحكام الشرعِ وتزييفِ معالمِ الهويةِ الدينيةِ، وقد رَدّ الأزهرُ عليهم طعنَهم في الثوابت والتهجمَ على تراث المسلمين، وفنّدَ كثيرًا من شبهاتِهم ووضحَ للناس حقيقةَ دعوتِهم، حرصًا منه على الحفاظ على تلك الهويةِ الدينيةِ السمحةِ التي لا إفراطَ فيها ولا تفريط.

google-playkhamsatmostaqltradent