اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الأصغاء

 الأصغاء




كتبت دكتور شيماء صبحي

في أغلب الأحيان، يكون الإنسان في حاجةٍ ملحةٍ إلى أذنٍ صادقة تسمعه، لا شيء أكثر من ذلك، لا يحتاج إلى لسانٍ -ولو صادق- ينصحه، ولا إلى مفكر ينظّر عليه، ولا إلى مؤنبٍ ينغص ضميره، هو فقط يحتاج إلى أن يرى في عينَي الذي أمامه شيئا يدعوه إلى مواصلة الحديث، ويرى في ملامحه شيئاً يترجاه أن يخرج كل ما في جعبته.

الأذن هي الحضن الصغير، قد تباعد المسافات بيننا فلا أستطيع ضمك، وقد تباعد الظروف فلا أفتح لك حضني، وقد أفتح لك حضني لكنك في مكانٍ وأنا في مكان، لذا فإن أذني تسمعك، تعانق كل حرفٍ منك، لا تترك الكلمات تخرج من الجهة الأخرى، وإنما تستقر في العقل والقلب، وأحملها حاميةً كما أخرجتها، ثم أبرّدها في داخلي، وأخرجها ملخصةً في كلمةٍ واحدة: «أسمعك».

معظم العلاقات تنكسر هنا ربما، ومعظم الناس لا يتفاهمون بسبب أن كلا منهم يريد التحدث، وتقع البيوت بسبب شهوة الكلام، ولا أحد يقدّر معنى السمع إلا من كانت له أذنان بجانبي رأسه لا لسانان مكانهما. 

فأرى أن من كان قادراً على سماعك في أشد لحظاتك تلعثماً، والقادر على أن يفهمك في أكثر 

أوقاتك لغَطًا، هو الوحيد القادر على أن يضمك بصدق حين تصمت




google-playkhamsatmostaqltradent