الزوجة الثانية-الجزء الثاني
كتبت / شيماء صبحي
الزوجة الثانية تعلم أنها في نظر الزوجة الأولى دخيلة عليها , لأن الزوجة الأولى تؤكد دوما أنها هي التي بدأت مع الزوج طريق حياته خطوة بخطوة حتى علا شأنه ووصل لما هو عليه , ولم يخطر ببالها ولم تتخيل أن تأتي إنسانة فجأة وتهدم كل ما قامت ببنائه .
ورغم أن الزوجة الأولى تعلم أن للثانية كل الحقوق مثلها تماما , لكن قلبها ينقبض منها , وشعورها بالانكسار والصدمة يغلب عليها فيكسوها بالهموم والأحزان .
لذلك لابد على الزوجة الثانية أن تقدر مشاعر الزوجة الأولى , وتحترم معاناتها , وتعلم أن الزوجة الأولى هي البداية , فعليها - إن ارادت أن تعيش حياة سعيدة - أن تدفع الزوج وتشجعه إلى الاهتام بالأولى وبأولادها , وتفقد أحوالهم , حتى ولو على حساب نفسها ولتحتسب ذلك لوجه الله تعالى , ولتعلم تماما أن الله تعالى سيكافئها على ذلك .
كما عليها أن تعلم أن الزوج إذا زارها فوجد كثرة الشكوى , وكثرة المطالب بما لا يستطيعه أو يقدر عليه , فقد يصيبه الملل , وربما يهرب منها كما هرب إليها من قبل , لكن يجب عليها أن تلفت نظره بلطافة لما تريده مرة أو مرتين على الأكثر , وإذا لم يستجب الزوج لمطالبها فعليها أن تصبر.
كما عليها أن تجعل اللحظة التي يأتي إليها فيها أفضل الأوقات حتى يحب ذلك اللقاء , فالزوج عندما اختارها كان يبحث عن راحة البال , وراحة بال الزوج تبدأ بالبشاشة عند اللقاء والشكر في شتى الحالات .
كثير من الزوجات بعد الزواج كأنهن يدخلن حربا مع الزوجة الأولى منذ بداية الزواج , لذلك على الزوجة الثانية أن تراقب ربها وأن تعلم ان كل ما تفعله من خير أو شر فسوف تراه , وتحاسب عليه أمام الله . و رغم أنها قد ترى تعنتا ومشقة من الزوجة الأولى , فننصحها أن تلتمس لها العذر , وأن تعيش بصدر رحب إذا أرادت الحياة الزوجية الهادئة , لا تخلق معوقا أمام كل موقف , لكن عليها أن تكون أكبر من ذلك ,لا تعمل إلا لله , ولتستقبل السيئة بالحسنة حتى تنال رضى الله , فإذا رضي الله عنها أرضى عنها زوجها وكل الناس
فأحيانا تشعر الزوجة الثانية أن الزوج اختارها على الأولى لصغر سنها مثلا أو لجمالها, وذلك قد يسبب وقوع الغيرة بين الزوجتين , فلا داع لإظهار أي شيء من ذلك أمام الزوجة الأولى , ولا داع لاستفزاز الزوجة الأولى بأى شكل ,ولا تجعل الشيطان يسول بينهما البغض والكره و العداوة , ولكن عليها أن تعامل الأولى معاملة طيبة , وعليها أن تعلم أن الكيد الذي تكيده للزوجة الأولى لا يعود عليها إلا أحزانا وكآبة وعبوسا . نعم قد يكون نشوء المحبة بين الزوجتين صعبا , لكن الذي يمكن أن يحسن العلاقة لين المعاملة وعدم ظلم أحد , وعدم تدبير المكائد و وعدم الغيبة , أو النميمة , وعدم ذكر النقائص , وعدم تلصص كل من الزوجتين على أخطاء الأخرى , وليكن التعاون على البر والتقوى لا على الاثم والعدوان .
على الزوجتين الأولى والثانية أن تتقيا الله في القول والعمل ,ولتعلما أن الله يطلع عليهما , ويعلم ما في القلوب , ويعلم السر والعلن . فبالتقوى يجعل لهما من الأحزان والهموم مخرجا .. ومن الضيق فرجا .. و يخرجهما من الفقر إلى الغنى , ويرزقهما من خير الدنيا والآخرة لقوله تعالى , "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "
فإن كلا من الزوجتين الثانية والأولى تعانيان معاناة تختلف عن الأخرى , وتشعر بأحزان , وتتألم , فعليهن البحث عن باب للفرار من هذا الهم و الألم , ولا أفضل من باب اللجوء إلى الله سبحانه بذكره , فالذكر يغير حال بحال لقوله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب " , ولاشك أن الذي يرجع البسمة والبشاشة للوجه سواء للزوجة الأولى أو الثانية هو الوصال المستمر به عز وجل فلتسع كل منهما سعيها للوصول لمحبته تعالى بالعمل الصالح , والمحافظة على الصلوات , وكثرة التوبة , والاستغفار , ولتكثر من الدعاء له سبحانه خاصة في جوف الليل , فالله تعالى قريب مجيب الدعاء .
وعلى كل منهما أن تعلم أن هذه الحياة مهما طالت فلا بد أن تنتهي , وسوف تقف كل منهما أمام الله تعالى وبيدها سجل الأعمال , فلا داع أن تظلم إحداهما الأخرى فتسود سجلها بما يثقل عليها ,
ولا تنسى قول الله تعالى
" واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "