اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الدين والسعادة

الصفحة الرئيسية
الدين والسعادة



 الدين والسعادة


شيرين رأفت 

داعية وباحثة نفسية


كلمتان ومعنيان متلازمان لا ينفصلان تماما الدين والسعادة , الكثير لا يدرك ذلك أبدا , ويظن البعض أن الدين قهر وإنغلاق وتضييق ومنع فبالتالي المتدين ليس بسعيد !!! وفي الواقع أن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة , ومن ذاق عرف !

عندما نقرأ القرآن الكريم نجد أنه جاء قوله تعالى (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) في أكثر من عشرة مواضع من القرآن الكريم كلها في إطار التبشير من الله لأصناف من عباده المؤمنين ..تبشير بإستحالة حدوث الخوف والحزن سواء في الدنيا أم في الأخرة والخوف والحزن آفتان نفسيتان تنتابان كل الناس بلا تفريق في أوقات متفاوتة ولربما متواصلة عند البعض لأسباب كثيرة بحسب حالة كل منا 


فالخوف شعور فطري لازم الإنسان منذ نزول آدم عليه السلام ؛ خوف من المجهول , ومن الألم ، ومن الأمراض ، ومن الأخطار ومن العدو ... والعلاقة بين الخوف والحزن الذي هو عكس السعادة طردية , فإذا ما تحقق الخوف و وقعت البلوى وعمت المصيبة جاء الحزن كنتيجة متوقعة محققة لتلك المخاوف 


ولنتجنب هذه الحالة علينا أن نتعرف على هؤلاء الذين من الله عليهم بنعمة الأمن والراحة والسعادة الأبدية السرمدية ,لعل إتصافنا بصفة من هذه الصفات أو خلة من هذه الخلل تنجينا من أعظم المصائب وقعا على النفس : الخوف والحزن الدائمين ! 


إن التأمل في هذه الأيات البينات يكشف لنا رحمة الله التي وسعت كل شئ وكيف يفتح الله تعالى باب الأمن والسرور والطمأنينة لكل طالب وراج , بل هي في الحقيقة عدة أبواب متفرقة , من جاء منها جميعا فله الأمن والسعادة ومن جاء من أحدها فله المثل أيضا 


"الهداية ", إن مجرد الهداية وتحققها ينفي عن المهتدي بهدى الله تعالى حدوث الخوف والحزن (فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة 38 ) 

وإجتماع "الإسلام والإحسان" في العمل أي في طاعة الله يحقق المعادلة ذاتها : (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)


أما المستمسكون بخلق "التصدق" فقد بشرهم الله بتحقق الأمن والعافية وعدم الحزن مرتين , مع تحقق شرطين متلازمين 

الأول : الإنفاق والتصدق على عباد الله من الفقراء والمساكين دون أن يتبع هذا الإنفاق بالمن والأذى 

(﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون﴾   البقرة 262

الثاني : الإنفاق الدائم المستمر غير المنقطع ولا المتقيد بالزمان والمكان :

 ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة 274


ونجد "الإستقامة" أيضا من عوامل الأمن والسعادة في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) فالإيمان بالله والإستقامة على طريق الحق تجعلك من هؤلاء الآمنيين المطمئنين السعداء 

أما الذين جاهدوا في سبيل الله من أجل نصرة الحق والدين فهم على الطريق ذاته , ولهم البشرى لهم ولأخوانهم من خلفهم (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) ( ال عمران ) 


"والإيمان بالله والتقوى والصلاح والإصلاح" في الأرض أيضا يؤدي للطريق ذاته ونجد ذلك في قولة تعالى ( فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) الأعراف 35 

أما الذين نالوا البشرى في الدنيا والأخرة وأعلن الله لهم هذا الأمر صراحة فهم أولياؤه , فمن هم ؟ 

أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ  لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (يونس 62-64 ) 

وكيف يخاف أو يحزن من يؤمن بالله ويتقيه في السر والعلن وكيف لا يطمئن ويسعد من يطرق أي من هذه الأبواب أو كلها ويتصف بتلك الصفات, هذا وعد إلهي , حتما لا خوف عليهم ولا هم يحزنون أبدا, إنه الوعد الحق الذي لا يتبدل- لا تبديل لكلمات الله 


"ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ !   "

 إنها السعادة يا سادة كما يجب أن تكون وتبقى وتستمر , السعادة الحقيقية النابعة من الأمن والآمان والطمأنينة في الدنيا والأخرة , لذلك يكون الرجوع إلى الدين والتدين هو المصدر الحقيقي  للسعادة 

وفي مقالاتنا القادمة إن شاء الله سأحدثكم عن كل عبادة وأثرها النفسي على الإنسان وكيف ترتبط الصحة النفسية بالدين والعبادات والقرآن





google-playkhamsatmostaqltradent