اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

دراسة نقدية مع الكاتبة الجزائرية فاطمة حفيظ


دراسة نقدية مع الكاتبة الجزائرية فاطمة حفيظ



تقديم 

 الناقد الشاعر والأديب

    عماد الدين محمد


كاتبة لها العديد من الأعمال الأدبية التي أشعلت ثورة أدبية ليس بالوطن العربي فقط، ولكن على محيط الأدب العالمي رغم صغر سنها إلا أنها سبقت عصرها بإبداعها الأدبي


الكاتبة فاطمة حفيظ مواليد ١٩٩٣م بمدينة بسكرة الجزائرية .

أهم الأعمال : 


" خطيئة جندي "


وهي تسرد لنا قصة خيانة جندي لإخوانه الجزائريين إبّان الثورة التحريرية الكبرى


" اليد السوداء "


و هي قصة تتكلم عن جنون عظمة فتاة نرويجية بيضاء في صورة حوار بين يد بيضاء، و أخرى سوداء ،وهى عبارة عن صوره من صور العنصرية التي مازلت مستمرة للأسف


" معركة موسكو الأخيرة "


معاناة عائلة أوكرانية خلال الحرب الألمانية السوفيتية


" أويمياكون "


قصة تتكلم عن عمل طبيب أطفال روسي بأشد المناطق الروسية برودة و عزلة، و نضاله الإنساني لخدمة الأطفال


" استراحة عراقي "


قصة تتكلم عن صحفي عراقي تعرض للسجن و الاعتقال بسبب مطاردته لنشاطات الأحزاب السياسية الفاسدة بالعراق


" أعمال أخرى "


 - كيس الخبز الفرنسي

 - ناطحات تراب 

 - النزوح إلى بلاد الشيطان 


وكلها أعمال تمس جوهر القضية الإنسانية والحياة الاجتماعية و تبعاتها

واليوم مع الكاتبة الجزائرية  فاطمة حفيظ في عمل جديد هو " ناب الفيل" 

والذي أتناوله بدراسة نقدية تحليلية لعلنا نعطي كاتبتنا المبدعة ولو جزءا بسيطا من حقها الأدبي على الصعيد العربي .


وإليكم أحداث القصة

" ناب الفيل " 

قصة قصيرة

 بقلم الكاتبة : فاطمة حفيظ 


كانت قدمه تتمزق من فرط الإعياء، و رغم ذلك كان يستمر في السير نحو الغابة الغربية، تلك المعارك التي يخوضها تقوده إلى الخسران، خلاخل الذهب التي يلبسها على أقدامه لا فائدة منها، لم يكن فيلا عاديا، لقد قضى معظم حياته في تلك الساحات الملكية حيث يقوم الملوك بجعل الفيلة يقومون باستعراض جميل، ثم يجعلونهم يعودون لحياة البذخ و مختلف الاكسسوارات و الزوائد الثمينة. 

بعد سقوط القصور الفاخرة والأبراج المرتفعة بين كل الأشياء التي تتسلل بجيوب السماء، بسبب حرب ضروس ، لم يجد هذا الفيل مكانا غير الرجوع إلى هذه الغابة الغربية، كانت تلك الأجزاء تتنازل و تسقط واحدة تلو الأخرى بسبب هذه الطريقة المحفوفة بالمخاطر والتنازلات، وكان يخشى رؤية حقيقته و التي يجزم أنها أكثر جمالا مما يعتقده الآخرون 

كانت جثته الضخمة تمنعه من الاختباء بين جذوع الشجر و أغصانه المتفرعة، كثوب عروس تزوجت برجل لم يكن حبيبها يوما و جعلت فستانها يتبعثر حولها كحجاب يمنع مراقصته لها واقترابه منها. لقد تخلى عن محاولته في التغلب على خوفه و أصبح الذعر مسترسلا و عابثا بهيبته. لم يستطع أن يتذكر شيئا سوى ماضيه و قطرات الدم التي تسربت من ضخامته أثناء رحلة الهروب إلى ديار الأعداء ، الذين حاربهم و دهسهم خلال رحلات الصيد و الغزو الملكي.

مضى الوقت بسرعة حتى تسلل العطش و الجوع إلى جسده، و كان يزداد هزاله و سقمه خلال كل ساعة تمر. تلك الرياح الفاترة و البعيدة كانت تحمل مصدر المياه و المساحات العشبية الطرية، لكن لا جدوى من ذلك، فالحصار يشتد، لكنه قرر الخروج و استعادة هيبته.

لم يكن يملك أية إجابة عما سيحصل، لكنه حاول الاقتراب و مشاركة بقية الحيوانات الشرسة مياه هذه البركة النقية . كان الخطر يقترب والملامح تنقلب و تهدر العزيمة. خاطبه أحد الأسود الإفريقية العملاقة :

- هل أصبحت قويا إلى درجة مشاركتي الشرب يا ابن القصور؟ 

- لست مضطرا للشرح، وجودي بهذا المكان كفيل بتحقيق مكانتي

- أيها الضخم، حياتك قصيرة جدا، و ما تلبسه من ذهب و حياة الرفاهية الملكية لن يجدي نفعا

نزل الفيل إلى مياه البركة ، نظر إلى وجهه على صفحة الماء حيث بدت جثته الأكبر بين الجميع، ثم شرب منها قليلا، و ما كاد يفعل حتى انقض عليه الأسد الإفريقي العملاق، دون أن يثقلا على أنفسهما بالنهيم و الزمجرة، اكتفى كل منهما بعرض فنونه القتالية و استعمال كل شيء ، مهما كان قذرا، و ذلك للحصول على لقب البطولة .

في نهاية النزاع، فقد الفيل جزءا كبيرا من نابه العاجي، تلك القطعة الثمينة البيضاء و التي يتقدس بها جسد الفيل و يدافع بها عن نفسه لقد فقد هيبته و كل رغبة في الانتصار تلاشت من خفقان قلبه.

و ضد كل حقيقة و كل اتجاهات المنطق، واصل هذا الفيل التبجح بأغراضه الملكية و جثته العظيمة ، و هو محفوف بجميع المخاطر محاولا إقناع نفسه بغزوات أسلافه و التحليق عاليا فوق منابر المجد ،ووهم الشموخ . لم يبق بداخله سوى ضياع يتجمع كالغيوم تماما. و لم تكرر ذاكرته سوى حياته الملكية و هي تصارع الأحلام و الهوس بين سطور قوانين الغاب.


وبعد أحداث القصة المثيرة التي تظهر بين سطورها مأساة فيل كما صورت لنا الكاتبة والتي عندما نتطلع على كتابتها نلاحظ دائما شيئا خفيا بين مقصود سطورها تترك لنا الغوص في أعماقها لنخرج بالمعني الخفي من سطورها 

وقصتها ( ناب الفيل )  تتناول قضية الأمة العربية والفيل هنا هو الوطن العربي صاحب العزة والمجد فيل ضخم يرمز للوطن العربي الكبير وهذا الفيل الذي عاش حياة القصور وتزين بالذهب والكنوز وكان له حياة يتمناها الجميع من ثروات وحضارة ومجد الأجداد

ظل يمرض ويضعف ولكنه مازال يفتخر بالمجد القديم وبعد الصراعات التي بعدها انهارت القصور وضاعت الأمجاد لم يجد الفيل الضخم سوي الغابة الغربية ليعيش بين أحضانها وهو لا يعلم ما سوف يحدث له، والغابة هنا هي العالم الغربي الذي يتسابق دائما على نهب ثروات الوطن العربي و يحتمي دائما خلف ستار الحرية والمصالح العامة وهو في الحقيقة يريد للفيل أن يموت وينتهي 

وهذا ما صورته الكاتبة في صراع الفيل مع الأسد الذي خرج من المعركة منهزما وخسر نابه، وأصابه الخزي والعار ..والناب المكسور هنا هو القدس التي سلبت منذ زمن لضعف الفيل وغروره الذي ما زال يسرد أمجاد الأسلاف وانتصاراتهم ويهرب من خذي الهزيمة والانكسار ويترك قلادتها الذهبية وثرواته من نفط وخيرات الوطن العربي ليس .

دراسة نقدية مع الكاتبة الجزائرية فاطمة حفيظ


google-playkhamsatmostaqltradent